رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من المعهد البابوي للدراسات الإسلامية والعربية بروما

أول مصري وأزهري يحصل على درجة الماجستير باللغة الإيطالية

الباحث محمد حسن عبدالغفار
الباحث محمد حسن عبدالغفار شيحة

تحت عنوان ”التراث والتجديد بين الإمام الطيب والدكتور حسن حنفي ­ دراسة تحليلية“، حصل الباحث محمد حسن عبدالغفار شيحة على درجة الماجستير باللغة الإيطالية من المعهد البابوي للدراسات الإسلامية والعربية بروما ­إيطاليا.

وقد تمت المناقشة النهائية للرسالة بحضور وتشريف كلا من سيادة السفير محمود طلعت سفير مصر لدي الفاتيكان، والمونسينيور د. يوأنس لحظي جيد، السكرتير الأول السابق للبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، ورئيس مؤسسة الأخوة الإنسانية المصرية.

وذلك علما بأن الباحث عضوا بمجلس المستشارين بمؤسسة الأخوة الإنسانية المصرية ومبعوث الأزهر الشريف الأسبق لأكبر مركز إسلامي بأوروبا والمعروف بالمسجد الكبير بروما لمدة ثلاث سنوات، وقد واصل مسيرته العلمية وحصل كذلك بروما على دبلومة عليا متخصصة في العلوم المسيحية باللغة الإنجليزية وكذلك دبلومة عليا في الدراسات بين الأديان باللغة الإيطالية وكلاهما بمرتبة الشرف.

وتكمن أهمية الرسالة في كونها تقدم تحليلا ودراسة مقارنة بين مشروع الإمام الطيب الفكري فيما يخص مسألة التراث والتجديد ومشروع الدكتور حسن حنفي المسمى ”التراث والتجديد“ حيث أكدت الرسالة على أنه رغم إيجابيات مشروع الدكتور حنفي إلا أن هناك حالة من شبه الإجماع بين الباحثين على اختلاف انتماءاتهم على عمق تناقضات المشروع، والأمتين العربية والإسلامية في حاجة ماسة لمشاريع تحل أزماتها فعلا بدلا من مشاريع تزيد المشهد التباسا وتناقضا.

وتأتى أهمية الرسالة كذلك في كونها جسرا مهما للحوار بين الشرق والغرب وحوار الأديان كذلك، وفي كونها مواجهة فكرية مهمة ضد الإرهاب والتشدد والتطرف وصيحات التكفير التي تختطف بعض الشباب غير المحصن دينيا وفكريا.

وكذلك تركز الرسالة على تبيين صحيح الدين الإسلامي وأهمية التجديد الدائم في الفكر والخطاب الديني ولغته خاصة وأن مشروع التجديد يتعلق تعلقا وثيقا بمشروع النهضة العربية والإسلامية، و كذلك بالعلاقات الإسلامية المسيحية حيث بينت آخر ما وصل إليه الأزهر ووثائقه من تجديد يتمثل في كونه يرفض مثلا ثلاث مصطلحات تتعلق بغير المسلمين، حيث يرفض الأزهر وإمامه إطلاق لفظ ”ذميين“ على غير المسلمين وكذلك لفظة ”أقليات“ وكذلك مصطلح ”الجزية“ حيث يعتبر الإمام الطيب أن المصطلح الأمثل الآن هو ”المواطنة“، فالجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.

و قدمت الرسالة مشروع ”بيت العائلة المصرية“ بين الأزهر والكنائس المصرية كنموذج ينبغي أن يحتذي به في الدول التي بها تعددية دينية وثقافية، وبينت كذلك أهمية إصلاح المؤسسات الدينية من الداخل.  

وقد قام الباحث بدراسة كورسات متتابعة لمدة عامين قبل البدء في كتابة الرسالة ثم قام بمجهود كبير في الترجمة من العربية إلى الإيطالية لكثير من أفكار الأزهر ووثائقه الحديثة مركزا على أفكار الإمام الطيب نفسه وتقديمها إلى العالم الأكاديمي والعلمي في إيطاليا وفى الفاتيكان، وركز الباحث على مسار التجديد الحالي بالأزهر خاصة فيما يتعلق بوثائق الأزهر، ابتداءࣰ بوثيقة مستقبل مصر مرورا بوثيقة الأخوة الإنسانية عام 2019 وانتهاءࣰ بوثيقة التجديد في الفكر والعلوم الإسلامية 2020.

وتركز الرسالة على أهمية أفكار مدرسة التجديد والبناء والإصلاح التي بدأها الشيخ حسن العطار وتلميذه النجيب رفاعة الطهطاوي ثم الأفغاني والإمام محمد عبده ورشيد رضا مرورا كذلك بمصطفي عبد الرازق والشيخ شلتوت والإمام عبد الحليم محمود والدكتور محمد البهي وانتهاءࣰ بالدكتور محمود حمدي زقزوق ثم فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب­ حفظه الله تعالي ­ حيث يرى الباحث أن الإمام الطيب هو أشعري زمانه وأنه فيلسوف إسلامي بحق، قد درس الفلسفة والعقيدة واطلع على الثقافة الغربية وجمع بينها وبين ثقافته الأزهرية شأنه شأن رواد الإصلاح العظام.

وهذه المدرسة السابقة الذكر هي التي تفرق في مسألة التجديد بين الثوابت والمتغيرات، بين الأصول والفروع، بين الوحي المعصوم من نصوص القرآن وصحيح السنة وبين الفكر البشري والتفسيرات والتأويلات المختلفة للنصوص، فهي مدرسة توازن بين النقل والعقل، بين الأصالة والمعاصرة، بين التراث والحداثة، تأخذ من التراث ما يصلح لنا في عصرنا وتترك الفتاوي والأحكام التي لا تفيدنا في عصرنا الحاضر والتي كانت ربما تجديدا وتطورا في عصرها. فالتراث عند هذه المدرسة مقدر وليس مقدس، ولذلك يؤخذ منه ويرد عليه، وهذه هي المدرسة الوسطية المعتدلة بين تيارات متباينة، بين تيار الجمود الذي يقف عند حرفية النصوص ولا يدرك مقاصد الوحي وبين تيار التغريب الذي يريد الانسلاخ من هويته العربية والإسلامية تماما.

ولفت الباحث النظر إلى أهمية تطوير العلوم الإسلامية وخاصة مناهج الدراسات الإسلامية بما يواكب العصر وأن التجديد الفقهي وحده غير كاف وأنه ما زال أمامنا الكثير لفعله حتى نصل فعلا إلى ترجمة عملية أمينة لمصطلح أو فكرة تجديد الدين، وقد أهدى الباحث هذا العمل المتواضع لمصر وشعبها مؤكدا على أن حُب الوطن من الإيمان.

وقد لقت الرسالة قبولا كبيرا واهتماما من المعهد البابوي بروما حيث تم تشكيل لجنة ثلاثية مكونة من مدير الدراسات بالمعهد بالإضافة لمشرفين آخرين وهما الدكتور وسيم سلمان المشرف الرئيسي والمتابع للرسالة من البداية وهو أستاذ متخصص في الفكر الإسلامي وخصوصا فكر الإسلام السياسي وتأويلاته، والذي وجد الباحث منه كل احترام وتقدير للدين الإسلامي، والمشرف الثاني الدكتور كريستوفر كلوهسي وهو الأستاذ المتخصص في تاريخ العلاقات الإسلامية المسيحية.

ومن جانبه أكد سعادة السفير محمود طلعت على سعادته البالغة لحضوره مناقشة الرسالة والتي اعتبرها خطوة مهمة على طريق التقارب والتعاون بين المسلمين والمسيحيين وبين الأزهر والفاتيكان وفي تبيين حقيقة الدين الإسلامي وأنه دين الوسطية والاعتدال.

كما عبر كذلك من جانبه الأب يوأنس لحظي على سروره الكبير بهذه الرسالة المهمة في توقيتها وفى مضمونها، واعتبرها خطوة عملية على طريق الأخوة الإنسانية التي تعتبر الآن كسفينة نوح من ركبها نجا، وذلك نحو تفاهم وتقارب أكبر بين الشرق والغرب وبين الإسلام والمسيحية، وأضاف بأننا فعلا بحاجة ماسة لمثل هذه الجسور الثقافية والعلمية والأكاديمية التي تؤسس لعلاقة أخوة ومحبة بين بني البشر جميعا.