رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

علي جمعة: الإيمان منظومة متكاملة من العلم والعمل والدليل والصدق

بوابة الوفد الإلكترونية

في سياق شرحه لآيات من سورة آل عمران (149–150)، قدّم الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، رؤية فكرية عميقة حول منهج التفكير المستقيم في الإسلام، محذرًا من خطورة الانحراف العقلي والتقليد الأعمى، ومؤكدًا أن الإيمان ليس شعارًا يُقال، بل منظومة متكاملة من العلم والعمل والدليل والصدق.

 

الطاعة المرفوضة

استهلّ الدكتور علي جمعة تفسيره بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.

وبيّن أن المقصود بالطاعة هنا ليس طاعة أهل العلم في الطب أو التكنولوجيا أو شؤون المعاش، بل الانقياد لمناهج التفكير المنحرفة التي تنكر الحقائق الإيمانية، وتستبدل اليقين بالوهم، والعقل بالهوى.


وأوضح أن اتباع هذه المناهج يجرّ الإنسان إلى تراجع فكري وروحي، لتكون النتيجة خسارة في الدنيا والآخرة.

 

خطر التقليد الأعمى

توقف جمعة عند تحذير الآية: {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}، موضحًا أن الخسارة لا تأتي فجأة، بل نتيجة طبيعية حين يتخلى الإنسان عن المنهج الصحيح.


وأكد أن الاستسلام لطرق تفكير غير مبنية على الإيمان والعلم يعيد الأمة إلى الوراء، ويجعلها أسيرة للقول دون الفعل، وللشعارات دون الإنجاز.

وأشار إلى أن بعض المجتمعات انشغلت بالصخب الكلامي، بينما الأمم المتقدمة ركزت على العمل، قائلاً:
"الأمة تحتاج إلى من يبني مستشفيات ومدارس وجمعيات، لا إلى من يرفع شعارات في الهواء".

 

المنهج العقلي المستقيم: كيف نفكّر؟

حدد د. جمعة ملامح التفكير الإيماني الرشيد في نقاط واضحة:

معرفة الحقيقة والبحث عنها.

إقامة الدليل والبرهان قبل إطلاق الأحكام.

اجتناب الأوهام والبعد عن السطحية.

التعمق في الفهم وعدم الاكتفاء بالقشور.

ترتيب العقل حتى يثمر عملًا نافعًا، ينعكس على الفرد والمجتمع.

ورأى أن العقل الذي لا يُنتج عملًا هو عقل معطّل، لأن الإيمان الحقيقي ينعكس على حركة الإنسان اليومية.

 

الإيمان عمل وديمومة: ليست الكلمات التي تصنع الإنسان

شدد د. جمعة على أن الإيمان ليس مجرد اعتقاد لفظي، بل هو عمل مستمر يرسخ في القلب وتترجمه الجوارح. واستشهد بقول النبي ﷺ:«أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل».

وأشار إلى أن الديمومة في العبادة والعمل الصالح هي التعبير الحقيقي عن الإيمان، لا الادعاء ولا كثرة الكلام.

 

ثقافة الدليل

استشهد الدكتور بقول الله تعالى:{تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ}.

وقال إن الخطاب القرآني يرفض الأماني الفارغة والشعارات الرنانة، ويطالب بالبرهان والفعل.
فالإنجاز هو المعيار الحقيقي لصدق الإنسان، لا ارتفاع الصوت ولا كثرة الادعاءات.

وضرب مثالًا من التراث العربي:«لو كل كلبٍ عوى ألقمته حجرًا … لأصبح الصخر مثقالًا بدينار».
في إشارة إلى أن الرد على كل كلام فارغ لا جدوى منه، وأن الوقت أثمن من أن يُهدر في مجادلات لا تُثمر.

 

منظومة الإيمان

اختتم جمعة حديثه بدعوة الإنسان إلى بناء إيمانه على ثلاثة أعمدة:

علم مؤسَّس على اليقين.

فكر واضح قائم على الدليل.

عمل دائم نافع للناس.

ونصح بعدم الانسياق وراء الصخب الكلامي والمجادلات العقيمة، بل الثبات على الحق بالعمل والإنتاج، مع اليقين بأن النصر من عند الله لمن صدق نيته وداوم على السعي.