الهلباوي.. يحذّر من توظيف المال البترولي لاختطاف الوعي الديني
حذّر الدكتور مصطفى مختار هلباوي، عضوهيئة تدريس بالأزهر، من محاولات توظيف المال البترولي في العقود الأخيرة للتأثير على العقل الجمعي المصري، عبر نشر ثقافة التشدد والغلو والتطرف، مستغلين مشاعر الناس الدينية ومستخدمين عبارات لافتة وشعارات براقة تُسَوَّق على أنها تمثِّل «الإسلام الصحيح».
وأوضح هلباوي أن تلك التيارات عملت على «إحكام السيطرة على الوعي» عبر أساليب وصفها بـ«الماكرة»، مستترة خلف ألفاظ عظيمة القدر والمكانة في التراث الإسلامي، مثل: أهل السنة والجماعة – اتباع السلف – التوحيد الخالص – الفرقة الناجية… غير أن استخدامها لم يكن نزيهًا ولا أمينًا، بل جاء – بحسب تعبيره – مُفَرَّغًا من معناه الأصلي، وموجَّهًا لخدمة توجهات فكرية ضيقة.
تفريغ المفاهيم من مضمونها
وأشار الدكتور هلباوي إلى أن هذه المفاهيم التي وردت في الأحاديث النبوية لها معانٍ راسخة متفق عليها بين علماء الأمة سلفًا وخلفًا، إلا أن بعض التيارات أعادت تفسيرها وفق رؤيتها الخاصة، معتبرة نفسها الفرقة الوحيدة التي تمثّل «السنة»، ثم قامت بإقصاء كل من خالفها، مع أن الأمة – عبر تاريخها – لم تعرف هذا الحصر الضيق ولا هذا التصنيف الحاد.
وأكد أن الخطر يكمن في أنهم أسقطوا آيات وأحاديث نزلت في غير أهل الملة على أهل القبلة، واعتبروا مخالفيهم في الرأي «مبتدعة» أو «مشركين»، بل وصل الأمر أحيانًا إلى تكفير المخالف، وهو ما يخالف إجماع العلماء وقواعد الفقه وأدب الاختلاف.
إمكانات مالية ضخمة
وأوضح هلباوي أن التيارات التي نشأت في الجزيرة العربية امتلكت مقومات مالية وإعلامية هائلة، مكّنتها من التغلغل عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، وفي ساحات العلم والجامعات والمساجد، مما تسبب في انتشار خطاب يقوم على التشدد لا على الفقه المنضبط ولا التنوع الذي ميّز الحضارة الإسلامية عبر قرون.
وأضاف أن هذا الخطاب «أتى بما لم يكن موجودًا قبل ذلك»، وابتعد عن المسار العلمي الذي أجمعت عليه الأمة، معتبرًا أن تحويل الدين إلى أداة صراع أو تقسيم هو أخطر ما يواجه المجتمع المسلم.
الأزهر الشريف أمام محاولات اختطاف الوعي
وشدد الدكتور هلباوي على أن هذا المدّ الفكري اصطدم عبر التاريخ الحديث بـ«صخرة صلبة» هي الأزهر الشريف، الذي وصفه بأنه «حائط الصد الأول أمام كل محاولة لتغيير القواعد العلمية التي استقرت عليها الأمة».
وقال إن الأزهر – بمنهجه الوسطي – حافظ على اتساع دائرة «أهل السنة والجماعة» كما عرفها العلماء، ورفض محاولات حصر الإسلام في تفسير واحد أو مدرسة واحدة، مما جعله حجر عثرة أمام محاولات فرض الغلو على المجتمع المصري.

