رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صواريخ

العالم على مشارف تحولات وأخطار كبيرة.. وإذا كانت العقود الماضية والصراعات السابقة تتمحور حول مصادر الطاقة وآبار البترول وفرض النفوذ والهيمنة على مصادر البترول.. فإن حروب وصراعات المستقبل سوف تتركز على مصادر الغذاء، وربما تكون الحرب الروسية الأوكرانية قد كشفت عن جانب من مشارف هذه الأزمة بعد أن توقفت صادرات القمح من أوكرانيا، وشهدت بورصات القمح العالمية ارتفاعًا جنونيًا فى الأسعار، خاصة وأن كلا البلدين ينتج حوالى ثلث انتاج العالم من القمح، وتأتى التغيرات المناخية وزيادة ظاهرة الاحتباس الحرارى كاشفة عن المخاطر الجمة التى يواجهها العالم، وهذه الظاهرة التى أدت إلى ارتفاعات قياسية فى درجات الحرارة لا تقف آثارها عند حد التأثير على ساعات العمل والانتاج وانقطاع التيار الكهربائى وغيرها من الآثار السلبية، ولكن الأخطر أن لها تأثيرات جوهرية على البيئة والكرة الأرضية بما يشبه حالة الاحتراق الشامل بدءًا من الحرائق فى الغابات فى شتى البلدان مرورا بحالة الجفاف التى ضربت كثيرًا من البحرات والأنهار فى أوروبا وانتهاء بتدمير مساحات شاسعة من الزراعات والثروة الحيوانية، وجميعها لها تأثير بالغ على الثروة الغذائية.

< تأتى القمة الروسية الأفريقية التى تعقد اليوم وغدا فى مدينة سانت بطرسبج ذات أهمية خاصة، ويشارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى ظل الظروف الدولية المعقدة، وحصار غربى على روسيا يدفعها لتعميق العلاقات مع أفريقيا، ومصر بشكل خاص التى تشكل بوابة أفريقيا وتستطيع مصر أن تحقق مكاسب اقتصادية من هذه الظروف، ليس فقط فى تأمين احتياجاتها من القمح، ولكن يمكن أن تكون بديلًا لتركيا فى استقبال القمح الروسى وتوجيهه إلى الدول الأفريقية، خاصة أن مصر لديها عشرات الصوامع العملاقة فى موانيها بالإسكندرية والسويس والسخنة تجعلها مركزًا مهمًا لإعادة تصدير الحبوب فى الشرق الأوسط وأفريقيا خاصة وأن العلاقات الروسية الأفريقية فى تطور سريع، وتأتى هذه القمة تحت شعار -اقتصاد العالم الجديد- وتشمل الأمن المتكامل والتنمية السيادية، والتعاون فى العلوم والتكنولوجيا والمجال الإنسانى والاجتماعى، وقبل انعقاد هذه القمة أعلن الرئيس الروسى فلاديمير بوتن أن روسيا سوف تعوض الدول الأفريقية عن القمح الأوكرانى على أساس تجارى وبالعملات المحلية بعيدا عن عملة الدولار وأكد أن صفقة الحبوب كانت تهدف فى الأصل إلى ضمان الأمن الغذائى العالمى والحد من خطر الجوع ومساعدة البلدان الفقيرة فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولكنها استخدمت لإثراء الشركات الأمريكية والأوروبية.

< الحقيقة أن مصر قد انتبهت قبل عدة سنوات إلى قضية الأمن الغذائى، ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة إلى استصلاح حوالى 2 مليون فدان من خلال إنشاء الدلتا الجديدة وفى شمال سيناء ومنطقة توشكى، بهدف تقليص فجوة الاستيراد من القمح وبعض المنتجات الزراعية فى ظل ما يشهده العالم من تغيرات جوهرية سوف تجعل من الغذاء أهم عوامل الأمن القومى للدول فى المستقبل القريب، وهو أمر يدعو الحكومة المصرية إلى ضرورة تغيير استيراتيجيتها تجاه عملية استصلاح الأراضى والاستثمار الزراعى، من خلال تشجيع القطاع الخاص للدخول بقوة فى هذا المجال، وهو أمر يتطلب تشريعات جديدة وحوافز حقيقية تجذب المستثمر الأجنبى والمحلى تجاه هذا الاستثمار خاصة وأن مصر دولة صحراوية وتشكل الصحراء نسبة 85٪ من مساحتها الاجمالية، وعملية استصلاح الأراضى تحتاج إلى تكاليف باهظة فى شتى مراحلها بدءًا من استصلاح الأرض وتمهيدها وتوفير مصادر الرى والطاقة والأيدى العاملة والسماد، ولذلك يجب على الحكومة أن تعيد النظر فى الأسعار المغالى فيها وأيضا الإجراءات البيروقراطية والفساد الإدارى والقوانين المعوقة لتملك الأرض، والأهم تنفيذ الأحكام القضائية التى صدرت لمستثمرين ومواطنين دفعوا ثرواتهم وبذلوا جهودًا مضنية فى استصلاح أراضٍ ومازالوا يعانون من الفساد والبيروقراطية للحصول على حقوقهم، فى وقت تمنح فيه دول مجاورة كافة التسهيلات للمستثمرين فى هذا المجال.

حفظ الله مصر