عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

وهبها والى مصر عبدالله بن السرى بن الحكم داره الكبرى بدرب السباع، وحدد لزيارتها يومى السبت والأربعاء من كل أسبوع.

وكان يتردد على السيدة نفيسة أئمة الفقه الإسلامى وكبار العلماء، فقد زارها الإمام الشافعى وبصحبته والى مصر، وقال لها من وراء حجاب: ادعى لى فدعت له، وأوصى أن تصلى عليه ولما توفى أدخلت جنازته إليها وصلت عليه فى دارها وقالت: رحم الله الشافعى فقد كان يحسن الوضوء.

واليوم نواصل الحديث مع عاشق المحروسة الكاتب المغربى فؤاد زويريق ليكمل حكاياته عن مصر:

عندما كنت أسمع مصريا يقول بثقة وحزم «مصر أم الدنيا» كنت أشعر بامتعاض شديد لم أكن أقتنع بهذه العبارة مطلقا، كنت أعتبرها مجرد ثقة زائدة فى النفس، بل كنت أعتبرها نرجسية وشوفينية وتعصبا مرضيا، كيف يجرؤ شعب بأكمله وعلى مدى أجيال أن يعتبر بلده هذه أم الدنيا؟ هل أطلقها أحدهم هكذا اعتباطا فصدقوها وأصبحت متداولة وشائعة؟ لا بد أن فى الأمر سرا و لا بد أن تكتشفه بنفسك، وأن تقف عليه وأنت هناك فى مصر.

كنت تواقا إلى معرفة واكتشاف هذه الخلطة العجيبة التى أعطت للمصريين كل هذه الثقة فى النفس، وجعلت كل من زار بلدهم يحمل الشعار نفسه بل ويدافع عنه، وجاءت المناسبة لتكون زيارتى إلى مصر، حيث كان الاختيار بينها وبين بلدى الأم المغرب، فاخترتها دون تردد.

وأنا مسافر وسط المصريين لم أشعر لبرهة بأننى غريب عنهم، بل كلما عرفوا أننى مغربى ازداد ترحيبهم بى وتضاعف، سواء من المسافرين أو من المضيفات، وكان الترحيب بابتسامة وبعبارة «مرحبا بك فى بلدك الثانى» من جميع ضباط الجوازات الذين التقيت بهم فى المطار يشعرك بارتياح تام وكأنك فعلا فى بلدك، وبمجرد الخروج من باب المطار واستنشاق هواء مصر تتجدد دماؤك لتصبح بقدرة قادر مصرية مائة بالمائة، اللهجة المصرية تنطلق بسهولة، ودون مجهود يذكر، وكل تلك الثقافة المصرية المتراكمة والكامنة بداخلك تخرج بسلاسة وكأنها كانت محبوسة بزنزانة مغلقة مظلمة تنتظر من يُطلق سراحها، من هنا، من باب المطار تلبسك تدريجيا عبارة «مصر أم الدنيا» وقبل نهاية رحلتك

تجد نفسك أكثر ايمانا بها من المصريين أنفسهم.

ما إن تطأ قدماك أرض مطار القاهرة حتى تذوب وتتلاشى كل تلك التخوفات التى شيدت فى لا وعيك، التخوفات من مكان أول مرة تزوره، من شعب تلتقيه أول مرة، من الحلم نفسه.

فى رحلتى الأولى للقاهرة، وأثناء عودتى كانت تجلس بجانبى فى الطائرة امرأة مصرية عجوز وبجانبها سيدة فى مقتبل العمر، مصرية أيضا، الأولى كانت فى زيارة لابنها المقيم بهولندا والثانية قادمة للالتحاق بزوجها، السيدة العجوز بشكلها ولباسها وملامحها وكلامها البسيط الحلو الجميل ذكرتنى بأمهاتنا المغربيات، كنت أشعر وأنا بجانبها أن شيئا ما يشدنى اليها شدا، غفوت قليلا، سقطت البطانية التى كنت ألتحف بها بسبب البرد، فشعرت بها تتناولها بلطف وتضعها من جديد على جسدى، أثناء الأكل كانت تحثنى على عدم التوقف والتهام كل ما يوجد أمامى بدعوى حاجتى إلى الطاقة، وأثناء حوارنا أو محادثتنا كانت تقدم لى بعض النصائح والحِكم وكأن أمى تتحدث، وعند وصولنا مطار أمستردام وفى أحد ممراته شعرت ببعض الألم فى ركبتى، توقفت كى أرتاح، استندت إلى احد الأعمدة، فجأة أحسست بيد تربت على كتفى، التفتت لأجد السيدة نفسها تسألنى بحنان لن أنساه أبدا «مالك يا ابني؟ فيه حاجة؟ تعبان ولا ايه؟».. هذه المرأة هى مصر، هذه المرأة هى تلك الأمومة التى يتغنى بها كل مصرى ويشعر بها كل ضيف، هذه المرأة هى ملامح مصر الحقيقية الصادقة، هذه المرأة هى التى تختزل كل ما يمكن أن يقال عن أم الدنيا.

حفظ الله مصر

[email protected]