علي جمعة: النجاة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء، إن من وصايا النبي ﷺ التي تحمل في طياتها منهجًا اجتماعيًا متكاملًا، أن نكون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، مشيرًا إلى أن كل فرد في المجتمع مسؤول عن حماية مجتمعه من الانهيار الأخلاقي والفكري، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
جاء ذلك خلال خطبة جمعة سابقة حملت عنوان "حديث السفينة"، وأوضح فيها أن رسول الله ﷺ ضرب للأمة مثلًا بليغًا في حديث رواه النعمان بن بشير، حيث قال:"مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أننا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا."
وأكد جمعة أن الحديث الشريف يلخص العلاقة بين الأفراد في المجتمع، ويوضح أن الإنكار واجب على كل من يرى منكرًا، لا سيما حين يكون المتسبب فيه حسن النية، لكنه يفتقد الحكمة، فقال:
"الطائفة الأولى التي فعلت المنكر قد تكون من الغافلين أو أصحاب النية الطيبة، ومع ذلك فإن تركهم دون توجيه أو ردع يؤدي لهلاكهم وهلاك من حولهم."
وأضاف أن الطائفة الثانية هي التي تسكت عن المنكر، ولا تأمر بمعروف، وهذه شريكة في الإثم، بصمتها وتخاذلها، بينما الطائفة الثالثة هي التي تُنجي وتُصلح، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتُمسك بيد الظالم حتى يرتدع، مشيرًا إلى قول الله تعالى:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ، وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ}.
وتابع جمعة: "كل داء له دواء، إلا الحماقة، فهي أعيت من يداويها، لذلك لا بد من الحكمة في الإصلاح، دون تشدد أو تعالٍ على الناس، بل برحمة وموعظة حسنة"، محذرًا من السلبية المجتمعية التي تنتج عن السكوت عن الظلم أو التواطؤ مع الباطل، حتى لو كان بالصمت.
واختتم جمعة حديثه بالتأكيد على أن طريق النجاة الفردية والجماعية يبدأ من تحمل المسؤولية الاجتماعية، والسعي لإقامة الحق والعدل، قائلًا: "نحن جميعًا في سفينة واحدة، وإن لم نمنع من يخرقها، غرقنا جميعًا".