علي جمعة: التقوى تربط الإنسان بثلاثة أزمنة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، في حديثه عن التقوى، أنها مفتاح كل خير، ومغلاق كل شر.
التقوى كما وصفها الإمام علي رضي الله عنه
واستشهد جمعة بتعريف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه للتقوى، والذي قال:"الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل."
وأوضح جمعة أن هذا القول يلخص حقيقة التقوى في أربعة أركان جامعة: الإيمان، والعمل، الرضا، والاستعداد للآخرة.
الخوف من الجليل: دليل على تعظيم الله في القلب، واستشعار هيبته في كل أمر.
العمل بالتنزيل: التزام عملي بأوامر الله ونواهيه، وتطبيق مباشر لما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة.
الرضا بالقليل: تسليم بحكمة الله وقدره، واليقين بأن القَسمة الإلهية هي الخير.
الاستعداد ليوم الرحيل: إيمان باليوم الآخر، وحياة مبنية على محاسبة النفس والتهيؤ للقاء الله.
التقوى.. علاقة متكاملة بين الإيمان والعمل
يؤكد فضيلة المفتي أن التقوى ليست فقط شعورًا قلبيًّا أو حالة وجدانية، بل هي إيمان بالله مقرونٌ بعمل في الواقع، كما قال تعالى:{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}
فهي تجمع بين الإيمان بالغيب، والالتزام بـالتكليف الإلهي، واستشعار المسؤولية في الدنيا، والتأهب للحساب في الآخرة.
التقوى.. تمتد بين الماضي والحاضر والمستقبل
وفي تأمل لافت، يوضح الدكتور علي جمعة أن التقوى تربط الإنسان بثلاثة أزمنة أساسية:
الماضي: الإيمان بأن الله هو الخالق والرازق، وهو سؤال الوجود الأول الذي حيّر الفلاسفة، وأجاب عنه المؤمنون بإيمان صادق، بينما أنكره آخرون فألحدوا أو افتروا نظريات لا تستند لوحي.
الحاضر: ماذا نفعل في هذه الدنيا؟ يرى جمعة أن البعض يظن أن الله خلقنا وتركنا، بينما الحقيقة أن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب، ووضع للناس شريعة تنظم حياتهم.
المستقبل: ما الذي سيكون بعد الموت؟
يؤمن المسلم بيوم القيامة، بخلاف بعض العقائد الفاسدة مثل "تناسخ الأرواح" أو فكرة أن "الجنة والنار على الأرض"، والتي ينكرها الإسلام صراحة.
التقوى ليست مجرد وعظ.. بل حياة كاملة
ختم جمعة حديثه بأن التقوى هي الإيمان بالله، وبالرسالة، وبالآخرة، وهي طريق حياة شامل. وهي خلاصة نداءات القرآن الكريم المتكررة:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}
فهي لا تعني مجرد الورع أو الاجتناب، بل تشمل الطاعة، واليقين، والاستقامة، والعدل، والرحمة، والرضا، والصدق مع النفس، ومع الله.