نور
لم أتمكن خلال الأسبوع الماضى من الاحتفال، عبر مقالى، بذكرى عيد الجهاد الوطنى، بسبب الأحداث التى مرت بها الانتخابات البرلمانية، وبيان الرئيس الذى كان يستحق تعليقاً يتناسب مع أهمية الحدث.
لكننى أبداً لا أنسى عيد الجهاد الوطنى، فهو يمثل ذكرى وطنية عزيزة، ذكرى انطلاق الشرارة الأولى لثورة 1919، وهى المناسبة التى يجب أن نتذكر خلالها الدروس.
من أهم دروس عيد الجهاد هو انطلاق فكرة الوطنية المصرية الجامعة، وهى الفكرة التى ولدت مع ظهور الوفد يوم 13 نوفمبر عام 1918، وهى عملية ولادة فكرية سياسية تاريخية غير مسبوقة، لأنها جاءت فى توقيت صعب للغاية، وكانت ظروفها التاريخية نادرة، ولذلك سيبقى فى التاريخ حزب واحد له مميزات فكرة الوطنية المصرية الجامعة، هذا الحزب اسمه حزب الوفد الذى أسسه سعد زغلول، وحرص الوفديون عليه، لأكثر من مائة عام.
ثانى الدروس.. أن الوفد فكرة غير قابلة للتكرار، وهذه ليس مصادرة على التاريخ، ولكنه رأى مرتبط بالواقع، الذى يقول أن المصريين لديهم حزب واحد يشعرون تجاهه بعاطفة موروثة، مثل عاطفة الانحياز نحو العائلة، هو حزب الوفد.
ولذلك فشلت محاولات تأسيس حزب سياسى جديد، يحمل أفكار حزب الوفد فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011، بل أن هذه المحاولات كانت تجرى لتأسيس حزب بنفس التركيبة، التى اعتمد عليها الزعيم سعد زغلول فى عام 1918.
كانت محاولات استنساخ للفكرة والتركيبة البشرية، التى تعتمد على تنوع العائلات، والديانات، والنوع، والطبقات، لكن الناس بشكل طبيعى، عرفوا أن هناك أصلاً وفرعاً.
ومن أهم مميزات ثورة 1919 التى انطلقت إرهاصاتها يوم 13 نوفمبر 1918، أنها صححت الأخطاء التى وقعت بها الحركات والثورات والانتفاضات الشعبية المصرية السابقة، والتى قادها زعماء مصريون ضد المستعمر الأجنبى فقد طالبت ثورة 19 بشكل صريح منذ اللحظة الأولى لقيام الثورة بإجلاء المستعمر من الأرض المصرية.
وهى، أيضاً، الثورة التى تكاتف فيها المسلم والمسيحى معاً لأول مرة، فتحول الدفاع عن حرية الوطن، من فريضة دينية فقط، إلى فريضة وطنية أيضاً، لا فرق فيها بين صاحب دين، ورفيقه من الدين الآخر.
وفى ثورة 19 ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع، وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتان حميدة خليل وشفيقة محمد.
سيبقى عيد الجهاد يوم احتفال بانطلاق فكرة الوطنية المصرية الخالصة..وسوف نحتفل بهذا اليوم ما حيينا!!