هل ابن صياد هو المسيح الدجال؟.. علي جمعة يوضح الخلاف بين العلماء

ما تزال فتنة المسيح الدجال إحدى أعظم وأخطر الفتن التي حذّر منها النبي محمد ﷺ، وقد أثارت شخصية "ابن صياد" الكثير من الجدل بين الصحابة والتابعين والعلماء حول حقيقته، وهل هو الدجال الأكبر المنتظر خروجه في آخر الزمان، أم أنه مجرد دجال من دجاجلة الزمان؟
وفي هذا السياق، تناول فضيلة الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، هذه المسألة الشائكة، مشيرًا إلى الحديث الذي دار بين الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري وابن صياد، كما ورد في صحيح مسلم.
لقاء مع ابن صياد يثير القلق:
قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: «خرجنا حاجّين أو معتمرين، وكان معنا ابن صياد، فلما نزلنا في أحد المنازل انفردت به، فشعرت بخوف داخلي منه بسبب ما يُشاع عنه. ثم اقترب مني وقدّم لي لبنًا، فأعرضت عنه حياءً وتحفظًا، فقال لي: "يا أبا سعيد، لقد هممت أن أعلّق حبلاً وأختنق من شدة ما يقوله الناس عني..."».
وأضاف ابن صياد مخاطبًا أبا سعيد:«أليس رسول الله ﷺ قد قال إن الدجال لا يولد له، وأنا لدي أبناء في المدينة؟ وقال إنه لا يدخل مكة ولا المدينة، وها أنا قادم من المدينة إلى مكة؟».
يقول أبو سعيد: «لقد أوشكت أن أعذره، لولا أنه قال: "أما والله إني لأعرف مولده وأين هو الآن"، فقلت له: تَبًّا لك سائر اليوم!».
علي جمعة: ليس هو الدجال الأكبر
وعن هذا الحديث، علّق الدكتور علي جمعة قائلاً إن جمهور العلماء يرى أن ابن صياد ليس هو الدجال الأكبر، وإنما قد يكون واحدًا من "الدجاجلة" الذين يُمهدون لفتنة الدجال.
واستند في ذلك إلى حديث تميم الداري، الذي رواه الصحابة عن رجل عظيم الجسد، موثَق بالسلاسل في جزيرة، يستفسر عن خروج النبي محمد ﷺ، وهو ما يختلف تمامًا عن قصة ابن صياد الذي كان شابًا صغيرًا في المدينة المنورة في حياة النبي.
النووي: ابن صياد مشكوك في أمره
أشار الإمام النووي، في شرحه لـ صحيح مسلم، إلى أن العلماء اختلفوا في أمر ابن صياد. فبعضهم رجّح أنه هو الدجال، بينما رأى آخرون أنه دجال كذّاب من دجاجلة البشر، خاصة مع تصريحاته الغريبة، مثل ادعائه النبوة، وقوله: "أشهد أني رسول الله"، وادعائه أن شيطانًا يأتيه، وأنه يرى عرشًا فوق الماء.
وأضاف النووي: "النبي ﷺ لم يُصرّح بأن ابن صياد هو الدجال، بل قال لعمر بن الخطاب حين أراد قتله: إن يكن هو فلن تستطيع قتله، وذلك لأنه لم يُوحَ إليه يقينًا بأنه هو".
إسلام ابن صياد لا يُنفي الدجالية
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتأكيد على أن إظهار ابن صياد للإسلام، وذهابه للحج والجهاد، لا يُعد دليلاً قاطعًا على براءته من أن يكون هو الدجال، لأن النبي أخبر عن صفات الدجال عند خروجه فقط، وليس قبل ذلك.
وأوضح أن علامات ظهور الدجال لا تزال قائمة ولم تُستكمل بعد، ومن أبرزها ظهوره في زمن فتنة عظيمة، يدّعي الألوهية، ويقوم بخوارق يُفتن بها كثير من الناس.