مواقف نبوية.. كيف درّب النبي الصحابة عمليًا على احترام الخادم والمنظف

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، أن السنة النبوية الشريفة أرست قواعد إنسانية عظيمة، من أهمها مبدأ المساواة بين الناس واحترام كرامة الإنسان، مهما اختلفت منزلته الاجتماعية أو دوره في المجتمع، مشيرًا إلى أن رسول الله ﷺ قدّم نماذج عملية تؤكد هذا المعنى الراقي.
وأوضح جمعة عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن السنة دعمت هذا المفهوم من خلال مواقف نبوية عديدة، منها ما رواه الصحابي أبو ذر الغفاري، عندما قال: «إني ساببت رجلًا فعيرته بأمه، فقال لي النبي ﷺ: "يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم"» [رواه البخاري].
وأشار جمعة إلى أن هذا الموقف النبوي الجليل يؤكد على نبذ أي قول أو فعل ينطوي على انتقاص من كرامة الإنسان، مهما كانت مكانته، وأن مطابقة ملابس أبي ذر وغلامه تعكس مدى استيعاب الصحابة لهذه المبادئ التربوية والأخلاقية العالية التي غرسها فيهم النبي ﷺ.
كما أشار إلى موقف آخر للنبي ﷺ مع امرأة سوداء كانت تنظف المسجد، حيث قال أبو سعيد الخدري: «كانت سوداء تقم المسجد، فتوفيت ليلاً، فلما أصبح رسول الله ﷺ أخبر بموتها، فقال: "ألا آذنتموني بها؟" فخرج بأصحابه فوقف على قبرها، فكبر عليها والناس من خلفه، ودعا لها، ثم انصرف» [رواه ابن ماجه].
وأضاف أن النبي ﷺ لم يكتف بالحزن على وفاتها، بل عاتب الصحابة لعدم إبلاغه، وأصر على الذهاب بنفسه للصلاة عليها، في رسالة قوية تؤكد احترام الإسلام لكل من يخدم الناس، مهما بدا دوره بسيطًا.
واختتم جمعة: "لم يكن للمرأة صفة تاريخية سوى تنظيف المسجد، ومع ذلك، خلدها فعل النبي ﷺ، وغرس في نفوس الصحابة معنى أن المعيار الحقيقي هو العمل والنية لا المكانة الاجتماعية، فكلنا لآدم، وآدم من تراب."