عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على مائدة القرآن

النَّفْس

   د. عبدالراضى عبدالمحسن
د. عبدالراضى عبدالمحسن

 

 

 

 

النفس هى المحرِّك والموجِّه لإرادة الفعل الإنسانى إذ تحوى قوة التوجه والتوجيه نحو الخير والتقوى وتحوى كذلك قوة التوجه والتوجيه نحو الشر والفجور.

ولأنها تملك هذه القوى التعادلية المتعارضة فقد أوجبت الأديان العمل على تزكيتها بالارتقاء بمستوى قوة الخير وبكبح جماح قوة الشر: (ونفْسٍ وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).

وذلك نظرا لقابليتها للتغيير والاستجابة للتنمية والإصلاح وهو ما عالجه الحكماء فى نصائحهم التربوية:

وجاهد النفْسَ والشيطانَ واعصهما.. وإن هما محَّضاك النُّصحَ فاتَّهمِ والنفْسُ كالطفل إن تُهملْه شبَّ على.. حُبّ الرضاع وإنْ تفطمْه ينفطمِ.

وقد لاقتْ النفس عناية قرآنية واسعة تكاد تشكل بمجموعها عِلْما مستقلا متكاملا إذ وردت النفس فى ٢٩٥ موضعا تعددت بشأنها الدراسات والأفكار والآراء اللغوية والاعتقادية والروحية والسلوكية والتجريبية.

وهناك إشكاليتان تدور حولها معظم تلك البحوث والدراسات:

أولاهما أنواع النفس وأقسامها وهل هى واحدة ذات حالات أم متعددة؟ فهناك من يرى أحديتها وهناك من يرى أنها ستة أقسام، لكن الأظهر فى الاستعمال القرآنى أنها أنواع ثلاثة:

١. النفس الأمَّارة بالسوء، وهى التى انفلتت فيها قوة الشر واستعرتْ فتوجهت بصاحبها نحو إرادة الشر، ودفعته إلى مخالطة المعاصى وسلوك درب المهلكات والانقياد التام للشهوات والمنكرات: (إن النفس لأمَّارة بالسوء إلا ما رحم ربى).

٢. النفْس اللوَّمة، وهى الموزَّعة بين الخير والشر لا تستقر على حال، فتُغالب الشر والشهوات حينا وتسقط فيهما أحيانا أخرى، لكنها تُسارع إلى استحضار اللوم والندم والتحسّر عقب ذلك خشية وخوفا من عقاب الله، فترجع وتؤوب إليه بالتوبة والاستغفار إذ ليس لديها الإصرار على المعاصى والشرور: (ولا أقسم بالنفس اللوامة).

٣. النفس المطمئنة، وهى التى ارتقت بإرادة الخير والتقوى إلى أعلى مستوياتها واستقرت عليها فاستولت على زمامها مُغلقةً أبواب إرادة الشر مُبعدةً إياها عن دائرة التأثير والفاعلية والمنازعة، فباتتْ النفس هادئة مطمئنة فى توجهها ونزوعها التقويّ الخيري دون منازع:

(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مَرْضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى)

الثانى: هل النفس والروح شىء واحد؟

ما يظهر جليا من تأمل قوله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموتَ ويرسل الأخرى إلى أجل مُسمّى) أن النفس غير الروح لأن الروح لا تدركها الوفاة ولا الموت بينما تُتوفى النفس يوميا عند النوم ولو كانت هى والروح شيئا واحدا ما جاز أن ينسبها القرآن إلى الموت.

لذلك فالصواب أن النفس هى ما تخلَّقتْ من التقاء الروح بالجسد ذلك الامتزاج الذى شكَّل الذات الإنسانية والإنسان المعنوية والهوية الإنسانية بأحاسيسها ووجدانها ومدركاتها ونزعاتها وإرادتها.

وأنها هى شخص الإنسان المسئول المحاسَب بشقيه الجسدى والروحى، لذلك كانت موضع الخطاب الإلهى وكذلك الحساب والثواب والعقاب لكونها مجموع القوى الواعية بالإنسان (العقل والإدراك والإرادة) الموجِّهة لحركته وسلوكه وفكره.