رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حاولت «ظريفة» تفكيك حالة النكد الزوجى التى سادت السنوات الأخيرة، فسألت مبتسمة: إيه رأيك فى التعديل الوزارى يا «ظريف»؟، التفت إليها «ظريف» متوجساً، خيفة أن يكون السؤال مدخلاً لحافة الأسلاك الشائكة، واختراقاً لحدود غير آمنة، وفخاً لاستبعاده من البيت لأيام وربما لسنوات طوال، كانت نظراته تحمل معانى وأفكاراً متضاربة يجمعها سياق واحد؛ أن البعد عن الإجابة غنيمة.

وبعد إصرار«ظريفة» مع تحول  نبرة الاستفهام إلى استجواب، لم يجد «ظريف» مفراً من الإجابة، وبحرصه المعتاد: تعديل إيه بس يا «ظريفة»، إحنا مالنا ومال التعديل الوزارى.. خلينا فى حالنا أحسن.

لم تشبع الإجابة رغبة «ظريفة» وتسلطها، وشعرت بأن زوجها العزيز أحياناً، يغلق باب الحوار الذى فتحت له «شُرَّاعة» لتحريك مياه النكد الراكدة منذ فترات، بعد حالة الصمت الاختيارى وصومعة العزلة التى قرر «ظريف» العيش فيها بسبب ضغوط الحياة، عاملاً بنصيحة «خد فى جنابك وانت ساكت»، ولكن الأمر قد حُسِم، وقررت «ظريفة» إشعال الفتيل وكسر عزلة زوجها وصمته، فصارعته وسارعته بدهاء تقليدى: سكوتك ده بيقول إن فيه واحدة تانية شاغلة بالك ومشقلبة حالك!

كان الرد كفيلاً بانفجار بارود هموم «ظريف» المكبوتة، متعجباً: واحدة تانية!.. ومشقلبة حالى!.. وشاغلة بالى!.. ربنا عرفوه بالعقل يا «ظريفة»..لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين!

«ظريفة»: قصدك إيه يا «ظريف» أنا حية!، والله الجحر ده إنت اللى معيشنا فيه، ما إنت لو كنت شاطر وملحلح زى الناس، كنا زمانا قاعدين فى فيلا ولاَّ شقة مرحرحة، بس هاعمل إيه نصيبى كده.. جتنا خيبة فى حظنا الهباب! 

حاول «ظريف» تضييق نطاق الخسائر وتحجيم نيران النكد التى نجحت «ظريفة» فى إشعالها، فأدار دفة الحوار إلى وجهته الأولى مرتدياً ثوب العقل واللين: قولى لى إنتِ يا «ظريفة » ايه رأيك فى التعديل الوزارى؟

«ظريفة»: تعديل إيه يا خويا بعد ما سديت نفسى وكسرت مشاعرى السياسية.. إنت عارف أنا اتجوزتك ليه؟، بتنهيدة تعكس فشله فى إيقاف الحرب: ليه يا «ظريفة»؟

«ظريفة»: اتجوزتك ورضيت بيك عشان كنت حاسة إنك هاتبقى وزير فى يوم من الأيام، وكل ما تيجى سيرة التعديل الوزارى، أفتكر خيبتى التقيلة!

«ظريف» متعجباً: وزير حتة واحدة!!

«ظريفة»: آه.. هم الوزرا أحسن منك فى إيه، إن كان ع البدلة نعمل جمعية ونجيبلك اتنين، وتقعد كده قدام «لميس الحديدى» سلطان زمانك، ويتقال لك يا معالى الوزير، وأنا أمشى فى الشارع والناس تشاور على حرم الوزير، بس منك لله.. هاتروح من ربنا فين.. روووح منك لله.. منك لله.

حاول «ظريف» جاهداً تهدئة مشاعر زوجته السياسية وبكائها المصطنع وإيقاف سلسلة «منك لله»، شارحاً لها أن الوزير فى بلادنا له مواصفات لا يعرفها إلا القليل، وليس معلوماً على وجه الدقة، لماذا يأتى الوزير أو لماذا يرحل، لكنها أرزاق مقسمها الخلَّاق، ثم طلب منها الدعاء له بأن يكون وزيراً مؤكداً أن دعوتها مستجابة بإذن الله! 

لم تتقبل «ظريفة» هذا الاستسلام المبكر وتلك التهدئة، واستمرت قدماً فى طريق الحرب: آه.. وبعد ما ربنا يستجيب.. ساعتها تتشيك والفلوس تجرى فى إيدك، وتجيب بدل الفيلا اتنين، وبدل الشاليه تلاتة، والعربيات تمشى ورا بعضها طابووور، وبعدين تروح تتجوز واحدة غيرى.. لااااااا.. إنت تخليك جنبى مرزوع هنا.

«ظريف»: وانا يا ستى جنبك مزروع ومرزوع.

استطاع «ظريف» بصبره على البلاء أن يمنع مياه النكد المتراكمة خلف سدود الحياة من أن تغرق ما تبقى له فى صوامع الصمت والسكون الاختيارى، ثم بدأ يسمع صدى نفسه: وزير؟!.. وليه لأ.. لا إحنا بقينا اليابان فى التعليم، ولا ألمانيا فى الصناعة، ولا الصحة فى أمريكا، والكهربا بتقطع عندنا، والأسعار ما حدش عارف يلمها، يعنى جت على الغلبان وهاتقف!، وبعدين خبرتى فى سماع التوجيهات مافيش زيها والبركة فى «ظريفة»، ولو تمت إقالتى و«كرشوني» من الوزارة، هاكون خبير وساعتها نضرب ونلاقى، والأمور تمشى.

أغلق «ظريف» صومعته وصدى الأوهام يدق باب أحلامه، وهمس: اللهم اجعلنى وزيراً.. ثم نام.

[email protected]