رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى اليوم،لم تتوقف الحملات العدائية والضغوط الخارجية التى تمارس على مصر شعبا وحكومة، لا سيما كلما اقتربت من أى استحقاق انتخابى،ناهيك عن أن يكون رئاسيا. الهدف معروف إما السعى لإفشاله وإضعافه، وإماالعمل على التحكم فى نتائجه أو التشكيك فى مدى نزاهته، أما الحيل التى تقتضى إدارة مثل تلك الحملات المعهودة فهى محفوظة عن ظهر قلب، بينها بث الشائعات وإنكار الحقائق بعد السخرية منها وتسفيهها، وحجب المعلومات بشأنها والترويج لأفكار عدمية عقيمة الجدوى، تحث على مقاطعة التصويت، بعدما فشلت الدعوات الصاخبة إلى مقاطعة الترشح،بالزعم أن النتائج محسومة سلفا، وأنها مجرد تمثيلية تستهدف منح شرعية شكلية للانتخابات الرئاسية، كما اعتاد الترويج لذلك كل من يتعمدون قراءة الواقع المصرى من خارجه، والنظر إليه عبر أوهام التغيير المعدة سلفا، طبقا للطرق الوعرة والمكلفة، التى تجدد كل أوجاع ما جرى فى يناير 2011، وما أسفر عن زوابع الربيع العربى العاتية من نتائج، أشاعت من الفوضى والخراب والإرباك ما يدفع الشعب المصرى حتى اليوم أثمانه غالية، من أمنه وتقدمه واستقراره السياسى والاجتماعى. 

 وكما كان متوقعا، ومع بدء اللحظات الأولى لإعلان بعض من يرغبون فى الترشح أسماءهم، تصاعدت على منصات التواصل الاجتماعى، وعلى محطات التليفزيونات الفضائية الخارجية الشكوى من القيود المفروضة على حق المرشح وأنصاره فى الحصول على تزكية ما لا يقل عن عشرين نائبا من أعضاء مجلس النواب، أو جمع توكيلات المؤيدين له من نحو 217 مكتبا للتوثيق العقارى فى أنحاء الجمهورية، ونحو 116 مكتب بريد تقوم بالتوثيق نفسه، أما حين يفشل المرشح فى اجتياز عتبة جمع التوكيلات التى ينص عليها الدستور، وتقضى بجمع 25 الف توكيل من 15 محافظة بمعدل ألف توكيل على الأقل من كل منها، يصبح الحل هو التغريد خارج القواعد القانونية، للتغطية على عدم القدرة والعجز عن جمعها بشكل قانونى والذهاب إلى اختراع ما يسمى «التوكيلات الشعبية، بتحرير توكيلات مزورة والزج بمناصرى الحملة بطبعها فى مطابع خاصة، وتوزيعها ثم إعادة جمعها، وإعلان أرقام مبالغ فيها لعددها، لماذا؟ ليسهل كيل الاتهامات الجاهزة للهيئة الوطنية للانتخابات برفض استلام ما هو غير قانونى، بعدما تم التشهير بالسلطات التنفيذية بعرقلة الحصول عليها، ورفع مظلومية انحيازها لمرشح الدولة ونشر فيديوهات تصرخ وتهلل على وسائل التواصل الاجتماعى من قمع المرشحين، وعقد مؤتمرات صحفية امام كاميرات التصوير للتنديد بالحريات المهدرة، أما الخطوة التالية فهى التسرع، بوصم الانتخابات بأنها مزورة وخلت من الشفافية والنزاهة، بعد أن تكون هيبة الدولة قد نالها ما نالها من إسفاف الخطاب المصاحب لتلك الحملات، والذى لا يتورع عن إلصاق أبشع الصفات والممارسات والأقوال، وأكثرها كذبا وافتقادا للياقة، ليس فحسب ضد للمرشح المنافس، بل أيضا إلى مؤسسات الدولة ومن يديرونها! 

أما الطريقة المألوفة والمحفوظة عن ظهر قلب، لتنفيذ ذلك وجنى ثماره، فهى دغدغة مشاعر المواطنين البسطاء واستغلال معاناتهم المعيشية، لتهيئتهم ذهنيا وإهاجة مشاعرهم الغاضبة، لتحريضهم على التحرك والعودة للنزول إلى الشوارع والميادين، بسرد روايات خادعة وأكاذيب وأوهام، تبشر أن هدم المعبد الذى يعانى من بعض التصدعات، على رؤوس من فيه، سوف ينقذهم من تلك المعاناة، ويحسن أحوالهم ويغمر حياتهم المعيشية بأنهار من العسل واللبن. 

ولم يكن مفاجئا والاستعدادات تجرى لبدء حملة الانتخابات الرئاسية، أن ينتعش مجددا المخطط الغربى والأمريكى الذى لا يتوقف، من أجل إعادة جماعة الإخوان إلى المشهد السياسى فى مصر، بالزج بأحد الهواة من بين مناصرى هذا المخطط فى الداخل، لخوض الانتخابات الرئاسية، بعد أن كان قد منى -المخطط- بفشل ذريع، حين أُجبرت الجماعة على الخروج منه بثورة الثلاثين من يونيو الشعبية التى ساندها الجيش واحتضن مطالبها. ولم يغفر أصحاب المخطط الغربى لمصر وجيشها أن يلقى نجاح الثورة بظلاله على كل دول الأقليم، وتقود المشاريع الاصلاحية فى كل من من السعودية إلى تونس والمغرب، إلى تحجيم دور الجماعة ومعظم تيار الإسلم السياسى فى الحياة السياسية والاجتماعية..

لكن القوى الاستعمارية الغربية المفتونة بقوتها الباطشة، لم تفقد الأمل فى مواصلة فرض سياسة الهيمنة وتجاهل رغبات الشعوب واحتياجاتها الحقيقية فى التنمية والتقدم والعيش الآمن الكريم، فجاء إشهار سلاحها المفلول الذى يستخدم قضايا الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان للتدخل فى الشون الداخلية للدول التى ترفض الاملاءات والضغوط، وتكافح للحفاظ على قرارها المستقل، الأمر الذى يكشف عنه بوضوح البيان الصادرعن برلمان الأتحاد الأوروبى، الذى يفضح من يظن أنه يدافع عنهم، والمتبوع فى نفس اللحظة بموافقة الكونجرس الأمريكى على تجميد بعض المساعدات العسكرية لمصر بزعم الدفاع عن الحريات الديمقراطية. لكن الوعى الجمعى المصرى يدرك مغزى تلك التحركات باعتبارها غيضا من فيض مواصلة التمسك بالرغية الأمريكية فى صياغة مستقبل مصر السياسى على طريقة الربيع العربى، بخداع الشعب بسرد مصطلحات فضفاضة براقة عن الحريات والإنسان، بينما يكون الهدف نهب موارده وإضعاف قدرته وتغييب وعيه عبر من يوظفهم فى الداخل لينوبوا عنه فى تنفيذ مخططه، وليست هناك بيئة مواتية لتمريره، غير الفوضى والتشوش والكذب وخلط الأوراق!

ويأتى هذا الانتعاش بالرغم من حالات التشرذم والتفتت والضعف التى طالت التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وتراجع الحماية التركية عنه، واتساع حدة الانقسامات بين رموزه وقيادته فى الخارج واشتداد الصراعات فيما بينها، حول النفوذ القيادى والاحتكار المالى، وإدارة الشركات والاستثمارات التجارية التى يديرها فى عدد من الدول الأسيوية والأفريقة والأوروبية. 

لكن الساعين للتشويش على الاستحقاق الانتخابى الرئاسى، لا يدركون أن المصريين يتعلمون من تجاربهم الأليمة، وأنهم سوف يستطيعون بوعيهم، وإدراكهم لحجم المخاطر التى تحيط بوطنهم، على إتمام هذا الاستحقاق بنسب مشاركة عالية فى التصويت، وبانضباط كامل يحرم الهواة العابرين على العمل السياسى من جنى مكاسب صغيرة، وهم يوظفون خيالهم المريض فى إشعال الحرائق، وهز الاستقرار الأمنى والأجتماعى، لأجل تنفيذ أجندات خارجية، لا مصلحة فيها لمصر ولا لشعبها!