رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

حكاية عشق جديدة للمحروسة بدأت مع مصر والمصريين، بقصة حب جمعتها مع الشاعر الراحل سيد حجاب، أحد أهم أركان الشعر الغنائى وشعر العامية فى تاريخ مصر الحديث.

ورغم أن الحكاية بينهما لم تكتمل بعد انفصالهما مبكراً بعد فترة ليست طويلة من الزواج، إلا أن حكاية الحب بين السويسرية إيفلين بوريه ومصر قد اكتملت مثلها مثل أجمل الملاحم الرومانسية، وكانت البداية عندما رفضت العودة إلى سويسرا حتى بعد انفصالها عن «حجاب».

أحبت إيفلين إحدى البقاع الساحرة المهملة فى مصر، وقررت تأسيس مدرسة لتعليم أبناء قرية تونس بالفيوم، صناعة الخزف والفخار، واستقرّت هناك وسط الأهالى، وساهمت بتحويل تلك القرية البسيطة إلى أشهر وجهة سياحية بالمحافظة.

عشقت إيفلين تونس المصرية، كانت بقعة مُهملة، تخوف الأهالى من «الأجنبية اللى سابت أوروبا وجت تعيش فى قرية»، ولكنها سرعان ما اندمجت، وتحولت إلى «عمدة»، وغيرت مصير «البلد» تماماً بالفخار.

بكلمات بسيطة، فى حديث لها مع التليفزيون المصرى، لخّصت السيدة السويسرية حلمها الذى أنارت به الريف المصرى: «الفخار هو اللى غير البلد، الغريب أنها مش اللوكاندات والسياحة اللى غيرت، الفخار هو اللى غير».

وتتذكر إيفلين عندما جاءت إلى مصر، وكيف أسّست مشروعها عام 1979، وترى السيدة السويسرية أن وجودها فى مصر واهتمامها بمشروع مدرسة الفخار هو سر نجاحها.

قالت الفنانة السويسرية منتقدة توجهات المسئولين فى مصر: «الفخار هو اللى غير البلد مش اللوكاندات والسياحة»، وترى إيفلين أن ما فعلته جعلها أفضل من سيدات الأعمال فى القاهرة لخصوصية مشروعها، ولأن التجار يضطرون إلى الذهاب إليها، والآن بعد كل تلك السنوات أصبحت منتجات إيفلين والبنات من تلميذاتها يتم تصديرها إلى كل بقاع العالم.

تعلّق قلب إيفلين بالفيوم بعد رحلتها لبحيرة قارون بصحبة زوجها السابق الشاعر سيد حجاب، وبعد الانفصال عن الشاعر الكبير، قررت إيفيلين شراء قطعة أرض فى القرية، وقامت ببناء بيتها الذى عاشت فيه حتى نهاية حياتها، «بتنور بيتها بـلمبة جاز، وبتشرب مياه الطلمبة»، وظل البيت على هذا الوضع لمدة 10 سنوات فى بداية إقامتها بالفيوم، ثم قامت بتنظيم أول مهرجان للخزف فى قرية تونس، وهو الأمر الذى لفت انتباه المسئولين فى مصر للقرية، فجاءت الكهرباء والمياه وباقى الخدمات.

أنجلو ميشيل، نجل الراحلة إيفلين بوريه، قرّر أن يواصل مسيرة والدته، وقال فى تصريحات صحفية إنه سيحافظ على تراث والدته بقرية تونس، وسيظل يدير مدرسة الفخار التى أسستها والدته، والتى قام بالإشراف عليها خلال الشهور الأخيرة من حياتها، بعد تردى أوضاعها الصحية منذ يونيو قبل الماضى.

وكان أنجلو، الذى ارتبط اسمه باسم والدته عند عامة الناس فى الفيوم، فكانوا ينادونها بـ«أم أنجلو»، قد كتب مقالاً عنها فى صحيفة محلية، ذكر فيه أن والدته كانت تعشق ريف الفيوم، وأنه ولد فى القاهرة قبل 37 عاماً، هو وشقيقته ماريا، أما والدتهما الساكنة فى قلب أهل الفيوم، فقد عرف الناس هناك عنها الكثير وأحبوها.

بحسب ميشيل، كانت إيفلين تجيد السباحة، وتعشق تناول السمك والدجاج البلدى الذى كانت تربيه فى منزلها، بالإضافة إلى الفول النابت والطعمية.

وكانت إيفلين كما يقولون بالعامية المصرية «ست صاحبة واجب»، نجحت عبر العقود فى توثيق صلتها بأهل القرية حتى تحولت إلى ما يشبه «العمدة».

عاشت 82 عامًا، قضت منها 60 عامًا فى مصر، إلا أن الفنانة السويسرية الأصل إيفلين بوريه، ذات الملامح الأوروبية، عاشت فى بيتها الريفى بالقرية حياة الفلاحة المصرية البسيطة، تسير حافية القدمين، وتأكل الطعام الريفى، سعيدة بما قدمته، وكانت تشبع هواياتها فى صناعة الفخار والخزف، وتشرف بنفسها على تعليم الراغبين، من أبناء وبنات القرية.

ونعاها أبناء الفيوم: «مع السلامة يا معلمة الأجيال، ربنا يجازيكى خير على اللى عملتيه، وتعليمك لأجيال حرفة يأكلون من خيرها».

حفظ الله مصر وأهلها.

[email protected]