رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

أعترف بأننى لا أعرف الفرق بين الـ«تيك توك» والـ«توك توك» إلا فى الاستهجاء فقط: الأولى فيها «ياء بعد التاء» والثانية فيها واو بعد التاء. مشكلتى مع التوك توك قديمة جدا، مبحبوش، كنت منحازا إلى لجنتى النقل والصناعة بمجلس الشعب عندما رفضتا تسييره فى مصر عند أول مناقشة لاختباره، قال النواب فيه أوصافا تخرجه من الجنة، ولكن عندما تريد الحكومة تجد من يُلبس البوصة لتظهر إلى الناظر وكأنها عروسة، وانطلقت العروسة أقصد الـ«توك توك» فى كل ربوع المحروسة!!

وجرت محاولات لتوقيف التوك توك، لكن عنده واسطة واستمر رغم ما قيل عن وقف استيراد أجزائه من الخارج، وتسيير سيارات «فان» بدلا منه، وحظر ترخيصه، لكنه كما أطلق عليه المرحوم طلعت السادات لقب «العفريت».

وقال عنه النائب حمدى الطحان «الأعور أبو عين واحدة»، فقد كان الـ«توك توك» بسبعة أرواح، كلما تكالبوا عليه لكتم أنفاسه يظهر أكثر انتشارًا وتوغلا، وترك المضارين منه يتساءلون: يا توك توك مين تكتكك حصلت تسيطر على كل شبر فى الأرض يكون رده عدم توافر الإرادة!!

تعلمت من الـ«توك توك» أنه عند توافر الإرادة نفعل ما نريد، وأنقل تجربتى إلى لجنة الشباب والرياضة بمجلس الشيوخ وهى تناقش اقتراحا برغبة مقدما من النائب محمد عمارة، يقترح فيه حظر تطبيق الـ«تيك توك» فى مصر وغيره من التطبيقات التى لا تتوافر فى شأنها سياسات ومعايير سلامة الاستخدام.

ومبدئيا فأنا أحيى النائب محمد عمارة على هذا الاقتراح وأعتبره جاء متأخرا، ولكن كما تقول القاعدة أن تأتى متأخرا أفضل من ألا تأتى أبدا، لأنه لا يوجد عندنا من نريد إنقاذه، وهم أولادنا، وشباب بلدنا، المراهقون، الجيل الواعد، والأجيال القادمة الذين نريد أن ننقذهم من خطر هذه المنصة، وأرى أن الاقتراح برغبة والذى يعتبر آلية الرقابة البرلمانية الوحيدة لمجلس الشيوخ وإن كانت من يعيد إلا أن مضمون الاقتراح الذى تقدم به النائب محمد عمارة يتفق مع اختصاص مجلس الشيوخ الذى جاء فى المادة 248 من الدستور، وهى أن المجلس يختص بدراسة واقتراح ما يراه كفيلا بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطى فحماية أبنائنا من خطر الـ«تيك توك» هو حماية للقيم وللسلام الاجتماعى والأمن القومى، بعد أن أصبح الـ«تيك توك» الذى دخل بيوتنا من قمة الأغنياء إلى أبسط الفقراء وباء اجتماعيا وتلوثا سمعيا وبصريا مليئا بمزيج من التمثيل والاصطناع يسلب ذات الأطفال والمراهقين والكبار، على حساب الدفء الأسرى الذى كنا ننعم به قبل تشريفه، هذا التطبيق يدخل على الموبايل مجانا، يجعل الأطفال والمراهقين يتعرضون لمحتويات عنيفة وحشية قد نكون بطريق الخطأ عن طريق التمرير اللا متناهى عبر مقاطع الفيديو.. وتطبيق «تيك توك» هو من أخطر المنصات العالمية التى تقوم بجمع بيانات مستخدميها بهدف حفظها أو تخزينها عبر الخوارزميات المخصصة لذلك، وكشفت العديد من الاحصائيات أن هناك عددا كبيرا من الأطفال الذين يبلغون 16 عاما مقبلين على استخدامه بشكل شبه يومى، الأمر الذى يجعلهم عرضة أكبر للهاكرز إلى جانب سهولة التصفح ومشاهدة ما لا يناسبهم دون أية رقابة، وبالتالى فإن البرنامج ينتهك خصوصية الأطفال والمراهقين ويعرضهم للخطر من خلال مشاهدة مقاطع الفيديو غير المناسبة لعمرهم الصغير.. هناك فيديوهات مصورة لأطفال يتم اغتصابهم وتأديبهم وقتلهم التى يتم بيعها إلى من يدعون شواذ جنسيا وفيديوهات لذكور واناث يتم تهديدهم واستدراجهم واغتصابهم من عدة تطبيقات وعلى رأسها «تيك توك».

رغم أن برنامج «تيك توك» يدور حول التواصل الاجتماعى مع الجمهور، إلا أن كثيرة استعماله تسببت فى عدم الاهتمام بالعلاقات المحيطة لتفضيل شاشة الجوال التى تؤدى فى نهاية المطاف للعزلة الاجتماعية، مما يجعل الطفل أو المراهق فى حالة ادمان للجوال والانعزال شبه التام عن الواقع.. مستخدمو الـ«تيك توك» تجاوزوا حد إيذاء النفس عن طريق تصوير فيديوهات خطيرة ومنافية للآداب والقيم لأجل الحصول على معجبين وزيادة المتابعة وتحقيق عائد وربح مادى، وأغلب مستخدمى «تيك توك» مهووسون بأنفسهم فى تصوير الكثير من المقاطع والفيديوهات المرئية متمثلة فى أعمال مجنونة ويعتقدون أنها تجعلهم يبدون أكثر جاذبية من خلال ارتكاب سلوكيات خطيرة بحثا عن «التريند» الذى يدفعهم إلى ارتكاب سلوكيات غير لائقة أمام الكاميرات.

فما هو الحل الذى يبحث عنه نائب الشيوخ لانقاذ المجتمع من الـ«تيك توك» وهل تتم الاستجابة له أم يركن الـ«تيك توك» إلى جوار الـ«توك توك» فى جراش الطناش بحثا عن إرادة تؤدى إلى انقاذ ما يمكن انقاذه من القيم التى تتسرب عبر تطبيق الـ«تيك توك».