عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

فى تعريف أهل اللغويات وأصول «لغة الضاد» للثقافة قالوا إنها لفظة جذرها فى اللغة العربية ثلاثى الأحرف «ث، ق، ف»، ويرد الجذر بصورتين ومعنيين، الصورة الأولى «ثقف» الشىء بمعنى صادفه وأدركه وظفر به وأخذه، والصورة الثانية «ثقف» بمعنى صار حاذقاً فطناً كيساً، نقول ثقف الكلام يعنى حذقه وفهمه بسرعة، وثقف الرمح يعنى قومه وسواه، وثقف الولد يعنى هذبه وعلمه، وثاقفه مثاقفةً: غالبه فغلبه فى الحذق..

إذا كانت الهوية تدل على الماهية الإنسانية، والثقافة تدل على ماهية الإنسان فكرياً وثقافياً وحضارياً، فإن الهوية تدل على الثقافة وتعبِّر عن مكوناتها وعناصرها ومتضمنة فى الثقافة، فلكل ثقافة هوية، وثقافة من غير هوية عدم ولا وجود لها، وبمقدار تعدد وتباين الثقافات تتعدد الهويات وتتباين..

وبمناسبة الثقافة والهوية الإنسانية، لفت انتباهى وجود صورة ملونة لخمس تفاحات على صفحة صديق فسبوكى شاب كــ«بوست» وكتب تحتها: «خمس تفاحات غيرت التاريخ.. الأولى أكلها آدم فأخرجته من الجنة.. الثانية وقعت على رأس نيوتن فكان اكتشاف ظاهرة الجاذبية الأرضية.. الثالثة اتخذها «ستيف  جوبر» شعاراً لأكبر شركة حاسبات (آبل) التى غزت العالم كله بمنتجاتها الشهيرة الناجحة.. أما الرابعة والخامسة فكانت من نصيب العرب واللى عملوا منهم معسل (أبوتفاحتين)..».. إنجاز !!

ذلك «البوست» الساخر، ومثله المئات من تلك النوعية، تلاقى إعجاب أولادنا تترجمها الآلاف من «لايكات» الإعجاب والأكثر منها «تشييرات» النشر المثير بلغة وتعريفات التفاعل الإيجابى الفسبوكى، قد لا يدرك الكثير منا ما تؤشر له مثل تلك «البوستات» من رسائل داعمة لنشر مشاعر الإحباط والروح الانهزامية لدى أطفالنا وشبابنا، وفى مواجهتها نرى مناهج وزارة التربية والتعليم تبالغ بشكل يثيرـ فى أحيان كثيرةـ الشعور بالتبرم والانفصال عن الواقع عند اعتماد تدريس نصوص وأناشيد ومقطوعات نثرية ومناهج للتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية تنسج فى مجملها رسائل مبالغ فى صياغتها عن عوالم أسطورية لبطولات الآباء والأجداد التى تدعمها أشعار وحكاوى الفخر والحماسة والوطنية بأمجاد الماضى، ولا يصدقها أبناء الجيل الحالى لركاكة العرض وهشاشة المتن التربوى!!!

لقد انشغلت مواقع التواصل الاجتماعى بعقد مقارنات بين أحوالنا وأحوال الغير، بدلاً من تقدير ما نمتلك وما نحن عليه والمشاركة فى وضع الخطط العلمية لاستثمار كل الإمكانيات المادية والعلمية لبناء إنسان المستقبل القادر على المنافسة والاشتباك الإيجابى مع الآخر المتقدم..

كيف سنواجه أو حتى نتكيف مع ما تطرحه مخرجات وإنجازات ماكينات الإنتاج الثقافى والحضارى والعلمى العالمى؟..

وهنا يبرز السؤال، هل لدينا ثقافة المواجهة الفاعلة والتعامل السلس البناء، أو ما يطلق عليها مقومات «المناعة الثقافية» الكفيلة بالتعامل مع المعطيات الجديدة والقادرة على عمليات الفرز الإيجابية ورفع تلك المناعة على المستوى الجمعى؟.. ( للمقال تتمة فى «رؤية» جديدة).