رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

للعلماء مكانة خاصة وقيمة عالية، وبقدر ما تمتلك الدولة من علماء بقدر ما تكون مكانتها، وقدرتها على صناعة تفوقها وقوتها وتحديد مستقبلها بيدها، ومصر لديها رصيد ضخم من العلماء الذين نفخر بهم فى كافة المجالات، قليل منهم نالوا ما يستحقونه من شهرة إعلامية وشعبية، وكثيرون أثروا البقاء بعيدًا عن الأضواء مكتفين بمحراب علمهم الذى يخدمون من خلاله الناس والوطن.

واحد من هؤلاء العلماء أصحاب المكانة العالمية فى مجاله الدكتور صلاح سرور أستاذ الصدرية والقلب بكلية الطب الذى حقق شهرة واسمًا دوليًا، ليس فقط لأنه حصل على الدكتوراه من لندن وقدم بحوثًا متفردة نشرت فى أهم المجلات العلمية الانجليزية، وانما لتميزه وإبداعه وكونه أول من عمل فى بحوث الميكروسكوب الإلكترونى بوصفه رائدًا فى مجال تطوير قسم الامراض الصدرية إذ إنه أول من أسس وحدة علاج أورام الرئتين باستخدام المناظير دون الجراحة وذلك بالتبريد أو الكى الكهربى، ولتميزه كان واحدا من الأطباء الذين تستقبل عياداتهم المرضى من كل مكان، مصريين وعربًا، يبحثون عنده عن علاج يخفف آلامهم حتى أصبح علامة طبية عربية ورائدًا فى تخصصه.

ولأنه عاشق لتاريخ وحضارة بلده لم يكتف الدكتور صلاح بتميزه الطبى وإنما أصر على دراسة التاريخ فحصل على الدكتوراه فيه، وفوق ذلك لا يخفى على من يعرفونه اهتماماته بالأداب والفنون والتى وضعته فى مكانة كبيرة فى دوائر المثقفين، فإن تحدث الدكتور صلاح عن الطب كان معلمًا صاحب مدرسة خاصة، وإن تحدث عن الفنون والآداب أو التاريخ تحول إلى مؤرخ تحب ان تستمع منه قصة حضارة الأجداد وصناع المجد المصرى والذين يتحدث عنهم بحب وايمان.

الأهم أنه على كل ما حققه من شهرة ومكانة عالمية فى الطب جعلت البعض يصفه بطبيب العظماء والمشاهير وكذلك ما حصله من ثقافة تاريخية موسوعية لم ينس الدكتور صلاح حق البسطاء عليه فلم يبخل يومًا عن محتاج أو فقير ولم تغلق عيادته يومًا بابها فى وجه مريض مهما كانت إمكاناته حتى أصبح مضرب الأمثال بين نظرائه فى العطاء الإنسانى ونموذج الاخلاقيات الطبية التى نفتقدها كثيرًا.

منذ عرفت الدكتور صلاح وجدت لديه قيمة نادرة، وهى مهارته فى استيعاب من يتعامل معه وإخراجه من حالة الحزن والخوف التى دائمًا ما تصاحب أى مريض بالقلب أو الصدر، حتى ان البعض كان يرى أن جزءًا من موهبته فى العلاج قدرته الفائقة على التعامل الصحيح نفسيًا مع مرضاه، وعلى المستوى الاجتماعى كانت قيمة الاستيعاب أيضًا تلعب دورًا مهمًا فى علاقاته مع الآخرين وهو ما حدث معى فلم يتأخر يومًا عن تلبية طلب لى ولم يتردد فى تقديم دعم احتاجه حتى وإن لم اطلبه.

كثيرًا ما زرته فى فيلته بالاسكندرية وجلست إليه واستفدت من صفاته وخبراته وعلمه دون أن اشعر بغضبه أو رفضه لذلك، كثيرًا ما كان يروى لى علاقته بالراحل الشيخ محمد متولى الشعراوى والتى بدأت بزيارة طبية وانتهت بعلاقة شخصية وصداقة وطيدة لدرجة أن إمام الدعاة أهداه عباءة ومصحفًا خاصًا تقديرًا ومحبة وقال له «العباءة لباس الدنيا والمصحف لباس الأخرة».

الحق ان الدكتور صلاح كان نموذجًا فى الكرم الذى ورثته منه أسرته وزوجته الفاضلة وابناؤه سارة وكريم ويسرا مثلما اخذوا من العالم الكبير صفات حميدة وجليلة من القيم والاخلاق الرفيعة والمثل العليا والانتماء لمصرنا الغالية. لقد خسرنا كثيرًا برحيل هذه القامة والعالم الجليل منذ أيام، رحمه الله وجزاه خيرًا عما قدمه للناس من علم وقيم إنسانية راقية.