عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

من مفارقات الفِكر، أن سلوك طريق واحدة فيه، لا يؤدي بالضرورة إلى نتيجة متطابقة.. وهي مشكلة قديمة أدت بكثير من الفلاسفة إلى القول بتعدد الحق، نظرًا لعجزهم عن تفسير اختلاف الآراء في موضوع واحد، رغم اتحاد منهج البحث فيه.

لذلك نتصور أن أول مقومات التوازن الفكري، هو امتلاك التصورات الصحيحة عن كل قضية يُراد الحكم عليها، سلبًا أو إيجابًا، خصوصًا عندما نقع في حيرةٍ كبيرةٍ بين خيارَين، يتعلقان بالماضي «القريب والبعيد»، أو الحاضر «الواقع» الذي نَحْيَاه.

الآن، أصبحنا نعيش تحولات كبرى، غيَّرت مجرى حياتنا، وحياة مَن حولنا، لتنعكس على كثيرٍ من سلوكياتٍ «ألْفَيْنَا عليها آباءنا».. بدأت منذ عقدين تقريبًا، مع ثورة المعرفة والاتصالات، والتكنولوجيا الرقمية، التي جعلتنا مُرْغَمين على التعايش مع واقع افتراضي وخيالي، ألقى بظلاله على «جيل الألفية الثالثة».

جيل جديد يفرض علينا واقعًا مُغايرًا، لا يمكننا رفضه، أو تجاهل رغباته وطموحاته وأحلامه.. إنه «جيل العولمة»، الذي يجب أن نُقِرَّ حقه في الحياة كما يتمنى ويرغب، لا أن نحاول إرغامه على «أدبياتٍ مؤرشفة» مُعَادة ومكررة، سَيَفِرُّ منها بسبب الواقع «الجديد»، الذي فرضته معطيات الثورة الرقمية المتنامية.

إذن، أصبحنا في حاجة ماسَّة لفَهْم «جيل الألفية الثالثة»، الذي يعيش واقعه، وفقًا لمعاييره الخاصة به، وليس وِفْقَ رغباتنا، لأنه لم ولن يكون بالضرورة نسخة مكررة من شخوصنا، أو استنساخًا متطورًا لأفكارنا، التي تحتاج بالفعل إلى مراجعات.

هذا الجيل يختلف عنَّا كثيرًا، ويتعرض لاختبارات صعبة «شائكة ومعقدة» تتعلق بالمصير والانتماء والوعي والهوية، ما يستتبع بالضرورة أن نمتلك أدوات مختلفة في تعاملنا واحتوائنا، تُراعي وجود لغةٍ جديدةٍ مُحَفِّزَة لطرد مشاعر اليأس والإحباط، وتعزز الأمل والثقة، وتجدد الدوافع.

قد نتفق أو نختلف بشأن الأيديولوجيات التي تتقادم بمرور الزمن، لكننا قد نتوافق على أن التغيرات الكبيرة التي طالت حياتنا، تستلزم مزيدًا من العقلانية والواقعية والتجديد، بعيدًا عن أفكارٍ رجعية متخلفة، أو حداثة زائفة، وكلاهما تشويه متعمَّد لعلاقة صحية بين جيلين.

يجب على «الأجيال القديمة» العمل على بناء جدارٍ من الثقة، وإيجاد صيغة توافقية مع «جيل الألفية الثالثة»، لتحفيزه على تعزيز القِيَم الأصيلة والثوابت المستقرة، التي لا تسقط بالتقادم، وبين استثمار التكنولوجيا الرقمية، وتَفَهُّمِنا للواقع المعاصر المتجدد.

أخيرًا.. نتصور أن قِيَم الأصالة والمعاصَرة لا يوجد فيها «قديم وجديد»، إلا على محور الزمن، وهو ما يتطلب منَّا سعيًا جادًّا لإتقان آليات مختلفة للتعامل مع «جيل العولمة»، بكثيرٍ من الحكمة، والوعي بالواقع المتغير، وفَهْم طبيعة المرحلة، حتى لا نكون سببًا في بناء جدارٍ من العُزْلَةٍ، وهدم جسور التواصل والحوار.

فصل الخطاب:

لا تُكْرِهوا أولادَكم على آثاركم، فإنهم مخلوقون لزمانٍ غير زمانكم.

[email protected]