رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

مَن لم يعش فى قرية، لم ير طقوس رمضان، فى القرى نجد لرمضان نكهة خاصة قبل أيام من قدومه، كنا نعلق الزينة فى شوارعها الضيقة، لم تكن الزينة سوى أوراق نقصقصها ونلونها، ولأن الكهرباء فى قريتنا العُوَيْضات بمركز قفط لم تكن قد وصلت إليها فقد استحدث إمام المسجد العمرى بقفط الشيخ أحمد عبدالله رحمه الله بدعة حسنة حيث جعل مئذنة المسجد العمرى العالية التى تفوق فى ارتفاعها جميع بيوت المركز آنذاك تنير مع أذان المغرب وتظل منيرة حتى موعد الإمساك، ومع ذلك، فإننا نجرى إلى مسجد قريتنا.

لم أعرف قيمة طبلية بيتنا إلا بعدما كبرت وسمعت المقولة الشهيرة التى نطلقها على الشخص الأصيل الذى لا ينظر إلى ما فى أيدى الآخرين وإنما يكتفى راضيا بما قسمه الله له، فيقال عنه «تربى على طبلية أبيه» فالطبلية الدائرية التى تستند إلى أربعة أرجل وترتفع عن الأرض نصف متر تقريباً نتحلق حولها جميعا فى رمضان وقبيل الإفطار نضع الأكل ولا سيما البلح والزلابية والكنافة، لكن نمضى إلى المسجد العتيق منتظرين قدوم الشيخ خليل أبوجلال الذى يأتى فى كامل أناقته بجلباب أبيض وعمامة خضراء ولحية سوداء، ويمشى الهوينى نحو المسجد، ونفرح بقدومه لأنه مؤشر على قرب أذان المغرب، كان الشيخ خليل من الطيبين، وكان ينتظر إشارة من إمام المسجد الشيخ عبدالحليم الطاهر ذلك الرجل التقى الذى كان يؤم البلدة أعواما طويلة حتى وفاته – رحمه الله – دون أجر لأنه كان غنيا ويرى أن ذلك ثواب يؤجر عليه من الله تعالى، وما أزال أحفظ نهاية خُطب الجمعة لديه عندما يتجه للناس «اتقوا الله فقد كفى ما كان، واتقوا الله فحالُنا لا يرضى به إنسان، واتقوا الله وسَلُوه إصلاحاً وتنظيما..»، ثم يبدأ فى الدعاء لقادة ثورتنا المباركة، وكم أندم لأن أحداً لم يسجل خطبة من خطبه أو تلاوة من تلاوته القرآنية فى الصلاة أوعندما كان يأتى زائراً فى بيتنا ويجلس مع أبى-رحمه الله – فى تلاوة متبادلة، ينتظر الشيخ خليل إشارة الشيخ عبدالحليم الطاهر ويصعد المئذنة التى تُعد من أجمل المآذن فى عمارتها وشكلها الجمالى، ونحن تحت المئذنة نبحلق فى البسطة الأولى حتى نرى الشيخ خليل لكنه لا يكتفى بالبسطة الأولى، وهى مرتفعة بل يعاود الصعود إلى أعلى المئذنة الشاهقة وكان ثوبه الأبيض يبدو أكثر بياضاً ونصاعةً، كان يتحمحم، ثم يتمتم بكلمات لا نسمعها، وتشرئب أعناقنا إلى أعلى المئذنة، فلا ميكروفونات ولا سماعات آنذاك، وفجأة يعلو صوت الشيخ خليل «الله أكبر» ونجرى فى سرعة فائقة كلُّ يتجه إلى بيته، مبشّراً أهله الذين يتحلّقون حول الطبلية، ونحن نردد «افطر يا صايم» ثم يأتى السؤال اليومى «الشيخ خليل أذّن؟ ونجيب نعم.. ويبدأ الإفطار الشهى على التمر ثم نصلى المغرب جماعة.

 

خاتمة الكلام:

كيف أدعوكَ إلهى

وذنوبى لا تُعَدُّ؟

كيف لا أدعوك حاشا

أنت جودٌ لا يُحدُّ

أنت يا مولاى ربٌّ

وأنا- يا ربى- عبدُ