رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر

عاش الكاتب الإنجليزي «برناردشو» يرى في رأسه تصويراً صادقاً لأحوال العالم، وتعبيراً دقيقاً عن الفجوات الواسعة بين أغنياء الأرض وفقرائها، وقد كان أصلع الرأس كثيف اللحية، وكان معروفاً بقدرته العالية على السخرية من كل ما تقع عليه عيناه في كل اتجاه!

وقد راح ذات يوم يتطلع إلى مفارقات العالم المحزنة من حوله، وكان ذلك في النصف الأول من القرن العشرين، ثم راح يتحسس لحيته وصلعته معاً ويقول: ما بين دول العالم بعضها البعض، هو بالضبط ما بين لحيتي وصلعتي..غزارة في الإنتاج وسوء في الوزيع!

ولو عاش إلى اليوم وسمع عن قمة الهجرة العالمية المنعقدة هذه الأيام في مراكش بالمغرب، لكان قد دعا إلى أن تكون عبارته الساخرة، هي شعار القمة المُعلق على بابها طوال أيام انعقادها!

فالقمة تبحث في الأسباب التي دعت ظاهرة الهجرة إلى التفاقم إلى هذا الحد، وتبحث كذلك عن حل لها، وتحاول وضع ميثاق يضبط الظاهرة عالمياً، ويجعلها هجرة آمنة ومنظمة، وهي لن تكون آمنة ولا منظمة، إلا إذا آمنت دول العالم الغنية، بأن الشخص الذي يلجأ إلى الهجرة لا يفعل ذلك إلا مضطراً، فيهاجر تحت ضغط الفقر مرة، وتحت ضغط القهر مرات!

وتريد الأمم المتحدة التي ستحضر القمة، أن تكون هي شاهدة عليها، وأن يكون الميثاق مُلزماً للدول الأعضاء في الجمعية العامة في نيويورك، وألا يتعرض المهاجر للتوقيف، أو للقبض عليه، إلا إذا لم يكن هناك بديل آخر، وأن يجري التعامل معه على أنه إنسان في الأول وفي الآخر!

وكانت مستشارة ألمانيا، أنجيلا ميركيل، أكثر زعماء العالم تفهماً لأوضاع المهاجرين إلى بلادها من شتى الدول، ومن سوريا بوجه خاص، وقد خاضت ولا تزال تخوض معركة سياسية كبيرة مع تيارات ألمانية، تقف ضد وجود المهاجرين هناك، وتتمنى لو استطاعت طردهم جميعاً إلى خارج الحدود!

ولكن موقف «ميركيل» كان صلباً، وكان قوياً، وكان إنسانياً بامتياز، لأنها لم تكن ترحب فقط باللاجئ إليها، ولكنها كانت تمنحه مساعدة يواجه بها الحياة!

وفي المقابل كان موقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، على النقيض تماماً، فهو يقف ضد كل مهاجر أو لاجئ على طول الخط، وهو يراه متهماً وربما مُداناً إلى أن يثبت العكس، وهو يتمنى لو أغمض عينيه ثم فتحهما فلم يجد مهاجراً فوق أرض الولايات المتحدة، رغم أن المهاجرين هُم الذين أسسوها وهُم الذين بنوها.. إن أمريكا أمة من المهاجرين في الأساس!

وقد انسحب الرجل مُقدماً من التوقيع على الميثاق، ومن الحضور في المؤتمر.. ولو لم ينسحب ما كان هو «ترمب» الذي عرفناه عامين في البيت الأبيض ونعرفه، ولكن هذا لا يمنع أن في العالم شخصيات نادرة من نوعية «ميركيل» تحاول الحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية فيه!