رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

لابد أن نتفق فى البداية.. على أن تصديق كل شىء يقال دون فهم هو الجهل بعينه.. لأن التعقل والتدبر والتفكير أوامر إلهية للإنسان.. فالجاهل هو الذى يُسلم بأى شىء يسمعه أو حتى يشاهده بدون مناقشة.. ومن لديه قدر من المعرفة والوعى لا بد أن يسأل ويتأكد قبل قبول أى شىء.. وهذه قاعدة من المهم العمل بها فى حياتنا اليومية.. وإذا كان الفرد لا يشترى كيلو طماطم دون أن يتأكد بنفسه بأنها صالحة للأكل حتى ولو أقسم له البائع ألف مرة أنها صالحة.. فكيف يُسلم أو ُيصدق بكل ما يقال له فى قضايا دينية وسياسية مهمة.. دون استفسار أو تفسير؟!

والشيخ متولى الشعراوى (1911 - 1998م)، واحد من العلماء المصريين الكبار، بل من المتفردين فى علوم التفسير والفقه واللغة، ويمتلك موهبة نادرة فى التوصيل والتواصل والاتصال، ربما الكثير لا يعلمون ذلك، حتى بين الذين يحبونه ويقدرونه، وأيضاً بين الذين يكرهونه ويستهينونه.. فكلاهما يقبلونه بكل ما عليه أو يرفضونه بكل ما له دون علم لقدرات الرجل وإمكانياته الفكرية من ناحية، وبلا فهم بما يقوله، سواء كان صحيحاً أو خاطئاً، من ناحية أخرى!

وكل فترة وأخرى.. تثار حول شخصية الشيخ الشعراوى ودوره وتأثيره فى الحياة الدينية والفكرية والسياسية، الكثير من اللغط، والخلاف والاختلاف.. بين فريقين، هم أقرب إلى الإرهابيين، حيث يجلونه إلى حد التقديس أو يكرهونه إلى حد التحقير.. وهذا وضع غوغائى، لن يفيد عامة الناس ولا حياتنا الدينية والفكرية.. حيث يغيب المنهج الموضوعى، وتسود الفوضى والسطحية فى التعامل مع الشخصيات العامة سواء الشيخ الشعراوى أو غيره من الزعماء والشخصيات المؤثرة!

وللأسف لا نعرف كيف نتعامل مع الشخصيات العامة بموضوعية.. من أول الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) وحتى الشيخ الشعراوى، ومن عرابى إلى السيسى.. فإما نقدسهم إلى حتى العبادة ولا نقبل فيهم حرفاً واحداً أو نهيل عليهم التراب ونتهمهم بالكفر أو الخيانة.. لأننا ببساطة لا نعرف كيف نحترم ونقدر الشخصيات سواء أخطأوا أم أصابوا.. ولذلك ما زال السنة والشيعة يرتكبون جرائم قتل باسم أشخاص ماتوا من 1400 سنة.. وقد أزهقوا أرواح الملايين باسم الرسول وعلى بن أبى طالب.. دون فهم موضوعى أو حقيقى لرسالة وأفكار الشخصيتين!

والشيخ الشعراوى من المفسرين العظام فى التاريخ الإسلامى.. وإذا أردنا معرفة الكثير عن مبادئ الدين أو الاستمتاع بالقرآن الكريم لابد من الاستماع والإنصات لهذا الرجل.. ولكن هذا لا يعنى القبول والموافقة بكل ما يقول فهو فى النهاية إنسان.

فمن المستحيل أن يكون الشيخ الشعراوى صحيحاً فى كل ما قاله، وهناك الكثير من أفكاره وآرائه تحتاج للمراجعة.. ومن المؤكد نحن فى حاجة لفهم أفكاره وليس تقديسها، وهذا ينطبق على كل الشخصيات فى الدين والسياسة.. حتى لا نحوّلهم إلى أصنام من الحجارة، ونتحول نحن إلى عبيد أذلاء!

[email protected]