رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

فى تقديمه للكتاب الشهير «الوسائل والغايات» ومؤلفه «أولدس ليونارد هكسلى»  ــ الذى صدر عام 1945 أى منذ أكثر من 70 سنة ــ يقول المترجم « محمود محمود» عن «هكسلى»  إنه ثائر على ازدياد نفوذ العلم فى الحياة، وفى إحدى رواياته يتخيل أن الإنسان سوف يتناسل فى المستقبل لا عن طريق الحب والتقاء الرجل بالمرأة، ولكن عن طريق العلم، وتكوين الأطفال بطريقة علمية داخل القوارير، وهكذا يصور لنا هكسلى العلم فى صورة تشمئز منها النفوس وتقشعر لها الأبدان، ولعل هذا التطرف فى الخيال هو الذى جذب إلى هكسلى كثيراً من القراء..

إلى هذا الحد يمكن أن يكون خيال المبدع ورؤيته تكون صادمة عندما يحلق المبدع خارج دوائر المعقول بمقاييس زمانه، فيا هل ترى لو كان بيننا وحياً يرزق المُترجم والمُعرب «محمود محمود» فما عساه يقول عن مشاعر الاشمئزاز والقرف والامتعاض التى كان يحدثنا عنها وهو فقط يتناول الفكرة، والآن وقد باتت عمليات أطفال الأنابيب و إجراءات الحقن المجهرى وإنشاء بنوك الأجنة أحد إنجازات العلم المُعينة المتحققة على أرض الواقع  لراغبى الإنجاب، و هم فى أشد الحاجة  لنتائج ومخرجات بعض تلك الإبداعات العلمية لتجاوز عيوب وأمراض كانت تحول بينهم وبين حلم الأمومة والأبوة؟!

لقد ملّ «هكسلى» النقد والسخرية، وانصرف إلى التفكير فى مستقبل العلم والعلماء، فكتب من بين ما كتب روايته «عالم جرىء جديد»، وفيها يعبر عن خوفه من سيطرة العلم على حياة الناس، يصور فى هذا الكتاب مدينة العلماء الفاضلة بكل ما فيها من مساوئ، وهو يرى أن العالم الجديد ـ عالم العقاقير والآلات ـ تنتفى منه العاطفة والشعر والجمال، فى هذا العالم الجديد كل شىء آلى، وكل شىء مرسوم، أو محفوظ فى قارورة، والصفة الإنسانية تكاد تنعدم، ولعل هكسلى من بين الكتاب الأحياء جميعاً الكاتب الوحيد الذى يستطيع أن يصور نتائج العلم بجرأة ووضوح، وهو فى هذا الكتاب عالم وشاعر، يرسم لنا صورة مدهشة يتقزز منها القارئ كما تقزز منها الكاتب .

وفى كتابه هذا «الوسائل والغايات» عرض ونقد وإصلاح لوسائل الحكم والإدارة الحديثة، وللحروب، وفكرة المساواة، والتعليم والدين والمعتقدات والأخلاق، وقد عرضناه على القارئ العربى مسهبين حيناً وموجزين أحياناً، وقد أوجزت بصفة خاصة فى الفصول الأخيرة من الكتاب التى بحث فيها هكسلى المعتقدات والأخلاق، لأنه كان فيها هداماً أكثر منه منشئاً.

إن العالم الذى يقطنه الرجل الفقير يختلف عن العالم الذى يقطنه الرجل الغنى، وإذا كان لا بد من التعاون بين جميع أعضاء المجتمع، فلابد لهم أن يتفقوا على الأغراض التى يعملون من أجلها، ولا بد لهم من شىء من المساواة الاقتصادية حتى لا تختلف العوالم التى يعيشون فيها .

بقول «هكسلى» بقياسات زمانه «إن تحقيق المساواة الاقتصادية التامة بين الجميع أمر ترجح استحالته، وقد لا يكون مرغوباً فيه، ولكن شيئاً من المساواة المادية يمكن ـ بل ولا شك ينبغى  أن يتحقق، وقد اعترفت أكثر الدول، حتى الرأسمالية منها، بمبدأ تحديد الحدين الأدنى والحد الأقصى للأجور، وفى الثلاثين سنة الأخيرة» حال كتب كتابه هذا «أجمع رجال الاقتصاد على أن هناك حدوداً لا ينبغى أن يتخطاها الدخل ورأس المال الشخصى، ففى فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة تتناقص الثروة عند كل وفاة بنسبة معينة، والآن بعدما قبل الأغنياء مبدأ تحديد الثروة لم تعد ثمة صعوبة فى فرض حد أقصى لا يتجاوزه المالك..».

بعد أكثر من 70 سنة من «الوسائل والغايات» الهكسيلية، هل من المقبول ما نشر فى الفترة الأخيرة حول أن مصر تحتل الآن المركز الثامن بين أسوأ 15 دولة فى العالم فى توزيع الثروة، كما كشف تقرير أصدره بنك كريدى سويس. حيث يسيطر 10% من المصريين على 73% تقريبا من ثروة البلاد، و1% من الأغنياء يسيطرون على 48.5% تقريبا من هذه الثروة. ويحصل 5% من الموظفين على 40% من إجمالى الأجور و95% منهم يحصلون على الـ 60% الباقية.

[email protected]