رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لست مطمئناً إلى أن قرض صندوق النقد الدولى الذى حصلت مصر على الشريحة الأولى منه هذا الأسبوع، سوف يوفر سعراً محترماً للجنيه بين سائر العملات!

أتكلم بالطبع عن سعر محترم للجنيه، على المدى البعيد، وليس عن سعر من هذا النوع، صباح غد، ولا بعد غد، فأسعار العملات لا تتوازن ولا تتحسن، فى يوم وليلة، ولكن الأمر يستغرق وقتاً بطبيعته!

وليس مهماً أن يطول هذا الوقت أو يقصر، فالمهم أن تكون له بداية معلومة، وأن تكون نهايته معلومة أيضاً!

والمعنى أن المتوقع من حكومة يهبط سعر عملتها الى السعر الذى هبط اليه الجنيه، أن تعلن أن سعر الجنيه حالياً، ليس مما يسعدها ولا يسعد أى حكومة، وأنها لذلك سوف تعمل بكل ما تملكه من أدوات، فى سبيل أن يستعيد الجنيه مكانته فى أسواق المال، وأن أدواتها فى هذا الاتجاه هى كيت.. وكيت!

إن أى مصرى لا يسعده بالقطع أن يقرأ هنا وهناك، أن الجنيه ثالث أقل العملات سعراً على مستوى العالم، بعد أن كان الدولار يساوى ذات يوم قريب ٣٥ قرشاً!

ولم يكن ذلك بالمناسبة على مسافة قرن من الزمان منا، أو شيئا من هذا القبيل، ولكنه كان فى مطلع سبعينيات القرن الماضى!.. أى أنه كان من أربعين عاماً.. لا أكثر!

وعندما ينحدر الحال بالجنيه، خلال أربعة عقود من الزمان، ليصبح سعر الدولار ١٥ جنيهاً، فهذا معناه أن عملتنا فى حاجة الى جهد حقيقى لتكون لها قيمة تتناسب مع قيمة البلد، أو مع تاريخه فى أقل تقدير. 

وليس لكلمة جهد هنا من معنى عند أهل الاقتصاد الفاهمين، إلا العمل المنتج على مستوى الدولة كلها.. العمل المنتج الذى يوفر إنتاجاً حقيقياً.. العمل المنتج الذى يحرك حجم صادرات البلد من مكانه الحالى خطوة، بل خطوات الى الأمام.. العمل المنتج الذى يقتنص لمنتجاتنا مكانة بين سائر منتجات الدول فى أسواق العالم.. العمل المنتج الذى يمنح أى سلعة ننتجها الآن، أو سوف ننتجها فى المستقبل، درجة من الجودة لا بد أن تتميز بها.. العمل المنتج الذى تدرك حكومته ابتداء، أن مكانة الدولة بين الدول تتحدد بشيء واحد، بل وحيد، هو الإنتاج عالى الجودة، ولا شيء غير الإنتاج عالى الجودة!

أعود لأقول إنى لست مطمئناً الى أن القرض سيؤدى فى النهاية الى تحقيق سعر محترم للجنيه، لأن الأخبار المنشورة تقول إن الشريحة الأولى، وقيمتها ٢ مليار و٧٥ مليون دولار، سوف يحولها البنك المركزى بالجنيه الى وزارة المالية، لتواجه بها جزءاً من العجز الحاصل فى الموازنة العامة للدولة! 

وبما أننا نعرف أن عجزها راجع إلى زيادة الإنفاق العام على رواتب الموظفين، وعلى الدعم المهدر فى غالبيته، وعلى فوائد الديون، فمعنى هذا أننا نقترض من الصندوق، لننفق على رواتب سبعة  ملايين موظف نحتاج مليوناً واحداً منهم بالكاد، وعلى دعم لا يصل الى أصحابه فى كثير من الحالات، وعلى ديون تتزايد كل يوم، وتتزايد فوائدها بالتالى!

لم تذكر الأخبار المنشورة أن جزءاً من الشريحة الأولى سوف يتوجه الى مشروعات تنتج، وتصدّر، وتواجه استهلاكاً محلياً!

لم تذكر الأخبار المنشورة شيئاً من ذلك، فأى أرض بالضبط سوف يقف عليها الجنيه، لينافس أمام باقى العملات؟!

كان الله فى عون الجنيه بعد أن تخلى عنه أهله وبلده.. كان الله فى عونه وقد كان سيد العملات.. كان الله فى عونه، لأنه متداول فى بلد لا يقيم وزناً لعمل ولا يضع حساباً لإنتاج!

ومع ذلك.. بل رغم ذلك كله.. هناك أمل.