عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

تلاحقنا فى الفترة الأخيرة موجات متدفقة من الأفكار والأطروحات يُعد بعضها مجرد عناوين وشعارات لا تصلح إلا للكتابة على الورق أو أن تُقال عبر ميكروفونات الإذاعة أو أمام كاميرات الفضائيات، أو قد تكون لاستعراض معلوماتى أو ثقافى أو حتى لغوى، أو من باب تحقيق شكل من أشكال الوجاهة الاجتماعية.

وإذا كان من حقنا أن نحلم بأفكار ما، فإنه من الواجب بل من الضرورى عند طرحها التأكد من أنها أفكار قابلة للتطبيق، والأهم من ذلك أن لدينا الإنسان القادر والذى يمتلك أدواته التى تمكنه من التطبيق الجيد والأمين لتلك الأفكار لتصبح واقعاً نعيشه ونلمسه فى مجال سعينا لإحداث التغيير المأمول، وحتى لا تستحيل تلك الأفكار إلى مجرد شعارات لزوم المناسبات أو لامتصاص رد فعل الشارع والرأى العام عقب الأزمات والملمات العاصفة.

ونحن دون مبالغة لدينا بالفعل وبأعداد هائلة الإنسان القادر على تحقيق أعلى درجات النجاح لكننا وللأسف نجده فى الغالب خارج الميدان أو فى حالة عدم توافق مع شروط النزال التى يضعها اتحاد اللعبة (إذا جاز التعبير)..

فى إطار حديثنا عن الأفكار حول قضية إصلاح التعليم «أم المشاكل» على سبيل المثال تطالعنا فكرة عبر مقولة هامة لوزير تربية وتعليم أسبق، وهو الدكتور حسين كامل بهاء الدين (والذى استمر على كرسيه فترة هى الأطول بين وزراء تلك الوزارة اللغز عبر تاريخها، وكمان هو الوزير المرضى عنه من النظام وعائلة الرئيس فى الزمن المباركى).. قال فى كتابه «مفترق الطرق».. (لقد أصبح من المستحيل أن نحمل أبناءنا خزائن المعلومات المتاحة لهم فهذا فوق قدرة أى بشر، والخيار الأوحد هو أن نسلحهم بمفاتيح هذه الخزائن فقط).. والمقولة لا يمكن أن يختلف على فحواها ومضمونها أحد.. فإنه ليس المهم كم ما تقدم من معلومات ومعارف، بقدر أهمية تيسير سبل الاعتماد على الذات لفك شفراتها، مع إتقان التعامل والتفاعل المحترف مع وسائل الوصول إلى المعرفة الحقيقية.

كما أن تدفق بث المعلومات لا يمكن أن يكون الطريق الوحيد لاكتساب المعرفة.. لكن أين تلك الأفكار وتطبيقها فى مؤسساتنا التعليمية؟!.. ماذا عن مؤلف المنهج الدراسى والمدرس والموجه والمدير ومعهم أجهزة القياس والتقويم والامتحانات..؟!.. أظنهم يلعبون فى ساحة مختلفة بعيدة ليس فيها أى استخدام أو انتماء لتلك الأفكار سوى المكان التابع للوزارة وبالتالى لمعالى الوزير، أما مفاتيح الخزائن التى حدثنا كتاب الوزير عنها فلم نجدها فى أيدى فلذات أكبادنا بل رأيناهم وقد اختفوا بأجسادهم الصغيرة خلف حقائب عملاقة وكأننا قد منحناهم تراخيص حمل الحقائب فقط ليتشابهوا فى الشكل مع حاملى حقائب السفر فى محطات سكك حديد مصر..

ولذلك وجد الناس غرابة شديدة فى المعركة التى خاضتها الوزارة حينها لإعادة السنة السادسة لمدارسنا المسكينة التى كان يكفيها تعليم طلابها حتى السنة الرابعة، لأنه بنظرة شديدة الواقعية لن يكون الإصلاح من خلال تلك العودة الحميدة فقط، ولا حتى إضافة السنة السابعة والثامنة بما تضيفه من خزائن للمعلومات يستعصى فتحها، فما كان منا إلا أننا حملناهم إياها بكل ما احتوت من معلومات استعصت على المُصلحين تدارك تصويبها، ومقررات خارج الزمن، ونصوص متحفية..

لم يعد الهدف تكوين مجتمعات من الناس متشابهة بل إنسان قادر على التواصل مع الغير ومتقبل لوجهات نظر الغير، وإلى متى سيظل المدرس مجرد ببغاء يكرر الكلام بشكل يومى فى قاعات الدرس بدلاً من أن يكون مشاركاً وفاعلاً وموجهاً نحو التطوير والإصلاح، وبالتالى لن يتغير حال متلقى رسالته ذلك الطفل المسكين.

الآن ونحن نعمل بجد لدعم وترسيخ مفاهيم وآليات الديمقراطية، فإن إعمالها فى مجال المنظومة التعليمية بات ضرورة ملحة من خلال دعم الحوار والمناقشة بين كل عناصر العملية التعليمية، بدلاً من السكب الجبرى والفوقى للمعلومات والمقررات ونظم الأداء، وحتى يكون لدينا الأمل فى أن تقوم المؤسسات التعليمية بدورها الهام فى مجال تأكيد مبادئ الديمقراطية لدى شبابنا من خلال تنمية مداركه على التمييز والاختيار الجيد الحر عند اتخاذ القرار ودفعه للمشاركة فى صناعة القرارات العامة، بالإضافة إلى السعى لإيجاد مسارات وفرص للتثقيف السياسى وتأكيد وإثراء مشاعر الانتماء من خلال مجالستهم وتمكينهم من أدواتهم للتواصل مع حضارة وتراث وثقافة الوطن، وبنفس القدر والأهمية فتح كل المنافذ وسبل الاتصال مع حضارات العالم وثقافاته المختلفة.

علينا أن نعيد الثقة بين المواطن والمؤسسة التعليمية بعد تراجع التواصل الحقيقى بين طرفى العملية التعليمية الطالب والمعلم ما ساهم فى انهيار العديد من المثل والقيم.

عندما نؤكد لطلابنا وطالباتنا أن هناك من ينصت إليهم باحترام فإننا نضمن أننا سندفع لمجتمع الغد شباباً لن يتحول ما يقولونه إلى سباب ومعان تفيض كراهية ونقمة.

عندما تتراجع مستويات آليات الديمقراطية فى مجتمع ما ينزوى الفكر المتأمل والناقد ويتم تسطيح وفلطحة النظم التعليمية وتفريغ المناهج والعمليات التعليمية من الموضوعية والتعامل مع ظروف الواقع الذى يتطلب أمر إصلاحه تنشيط العمل الجاد نحو إيجاد قاعدة علمية وبحثية فاعلة.

إن الوجه الحقيقى المشرق للديمقراطية نطالعه عندما يتم الدفع بكل أصحاب الأدوار المبدعة والفاعلة والقادرة لتقديم ما يحلمون بتقديمه، وأيضاَ حينما نواجه بحسم ظاهرة النجاح والشهرة السريعة وتحقيق الثروات لبشر لم يقدموا أى إضافة للوطن والمجتمع حتى لا نساهم فى ازدياد وجود حالات أصحاب مشاعر الحقد والكراهية من أهل الإبداع والابتكار ومن يعملون بجد واجتهاد ومثابرة تجاه أصحاب تلك النماذج المزيفة وهم ينشرون نظريات الفهلوة والاستعراض الرذيل لحيل النصب على العقول والأفئدة!

[email protected]