رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

بجريدة «الأهرام» كان لكاتبنا الكبير «كمال زاخر» مقال تحت عنوان «البابا والقدس.. بعيداً عن الصخب» ليقدم الكاتب عبره مذكرة دفاع يواصل بها مجموعة مقالات ولقاءات تليفزيونية وتعليقات فسبوكية عكف على إصدارها بحماس بالغ فى الفترة الأخيرة، مشاركاً بقوة فى إعلاء ودعم حالة الصخب التى أعرب عن دهشته من تفاعلاتها!!

يستهل الكاتب توصيفه وتشخيصه لأسباب «حالة الصخب» عقب ذهاب قداسة البابا إلى القدس، ويرجعها بكل تأكيد وحسم بقوله «لنكتشف أنها تمور بتيارات متصادمة رغم السكون الذى يبدو على السطح، وتكشف أننا مازلنا نحمل آثار وندوب تقلبات ما قبل 25 يناير، والتى لم تستطع 30 يونيه أن تعالجها».. طبعا لا هو حسم ولا ابن عمه ولا يقرب له الكلام ده، إنما هو حيلة لتتويه القارئ فى سكة اللى يروح لمحطة عنوانها «الفهم على الكيف»!!

كان هذا استهلالاً لابد منه وبداية لولبية لها مظهر الفخامة لإثارة الفزع والخوف فى روع القارئ من الندوب والتيارات المتصادمة والتقلبات المتناطحة التى لم تفلح فى معالجتها ثورة، بعد ثورة فكان أن دفع قداسة البابا الثمن نتيجة حالة «خبلان» مجتمعية أشعلتها نيران محرقة تحت رماد ساكن على السطح، حتى كان قرار قداسته بالذهاب إلى القدس وليكن ما يكون!!

والحقيقة، أنه لا غضاضة ولا رفض لمبدأ ذهاب قداسته إلى القدس لأداء شعائر جنائزية طقسية دينية على روح المتنيح الذى تعده الكنيسة والمجتمع رمزاً روحياً ووطنياً رائعاً، بل كان لدى البعض همسة عتاب بطعم المرارة لعدم مشاركة من يمثل مصر فى مشهد رحيل مطراننا الوطنى النبيل..

نعم، إنه شأن دينى بحت أوافق الكاتب تماما فى توصيفه له، ولكن أن ننعت من أدانوها أو رفضوها بأنهم باتوا كالندوب المرضية التى لم تعالجها الثورة حتى كان قرار قداسته فكشف عن وجه الكارثة فتلك هى الكارثة.. كارثة أن تدافع فتسىء لمن تدافع عنه كـ«الدابة» التى أصابت صاحبها»، وذلك ببساطة لأنك اكتفيت (كما طرح الكاتب فيما بعد السبب الرئيسى للرفض عند من رفض قرار السفر) بسبب أنهم تحركوا من مربع السياسة فى معالجة أمر روحى، وأنهم قارنوا بين قرار قداسة البابا تواضروس وقرار قداسة البابا شنودة الثالث!!

أما من تحرك منذ زمن بعيد من مربع السياسة يا سيدى، فإنه هو هو من قام على إدارة الكنيسة عبر أكثر من 40 سنة للأسف (سواء بضغط من أجهزة الدولة أحياناً أو بتصور خاطئ من جانب تلك الإدارة أن الكنيسة هى الممثل الشرعى والسياسى الوحيد لجموع الأقباط)، وعليه كان بنبغى أن يكون قرار الذهاب إلى القدس استمراراً لذلك النهج وكان الخروج عنه مفزعاً لدى البعض، فقداسته لم يذهب كمواطن يؤدى واجب العزاء وإنما هو يمثل شعباً سبق للكنيسة إنكار وجوده عندما أصدر قداسة البابا شنودة الثالث ومن بعده البطريرك الحالى القرار السياسى بعدم ذهاب الأقباط إلى القدس، ولكى يلتزم الشعب شرع عقوبات روحية بغير سند دينى ولا سياسى ولا أى عرف فى الدنيا!!

ومادام الأمر بات سياسياً، فمقولتكم التالية تثير الشفقة قبل التعجب يقول الكاتب: «رغم هذا انطلقت دوامات القاع لتحاصر ذهاب البابا لتحاصر ذهاب وتتناوله برؤى سياسية تستحضر الأيديولوجيا وبعضها يصفى حسابات معلقة سواء مع الكنيسة أو عبرها مع تيارات سياسية أخرى، لتعقد مقارنات بينه وبين قداسة البابا شنودة الثالث...»!!!

ويسترسل الكاتب فى حدوتة «دير السلطان ومعاهدة كامب ديفيد كأسباب دعت قداسة البابا شنودة الثالث لاتخاذ قراره السياسى، ليقع الكاتب فى فخ أو شرك أن الظروف السياسية قد تغيرت وعليه يمكن تبرير ذهاب قداسة البابا تواضروس سياسياً، وكأنه يبشر بتنازل الكنيسة عن قرار المنع بشكل يبدو تمهيداً للتغيير، وليمنح فرصة لمن يؤكدون أن موافقة أجهزة الدولة بسفر قداسته يأتى أيضاً فى إطار خطة أشمل كان لا ينبغى للكنيسة أن تتورط فيه عبر إيجاد ذلك الموقف الملتبس والخاطئ نتيجة قرار متسرع من بطريرك وطنى نبيل يورطه الموالون له بدعم قراءات خاطئة فيما لم يرغبه قداسته ولم تعلنه الدولة ومن المؤكد رفضهما له وبغرابة شديدة!!!

والأمر الكوميدى فى الحكاية، أن الكاتب رغم كل ما وصل إليه من توريطات للكنيسة وراعيها الأكبر ينصح قداسته بتغيير مسئول المكتب الإعلامى كأنه الوحيد المسكين المسئول عن الصخب الدائر.. يقول الكاتب على أن ما حدث فى شأن اللغط حول سفر البابا يكشف عن حاجة الكنيسة إلى وجود دوائر متخصصة فى مكتب قداسة البابا البطريرك من الأراخنة ذوى الخبرة العلمانيين وهى ما تعرف فى علوم «الإدارة» بدوائر التفكير، وتتسق مع كون الكنيسة جسداً واحداً بحسب العلوم الكنسية، هذه الدوائر تمده برؤيتها فى التعاطى مع الأمور المتصلة بالشأن العام المجتمعى والسياسى حتى تتجنب المصادمة والمعارك التى تترصدها وليست كلها بريئة!!

وللموضوع بقية..

[email protected]