رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

هل تتذكر عزيزي القارئ الخبر التالي: صوت أهالي قرية منفلوط لصالح «نعم للدستور الإخواني»، وهي القرية التي قدمت أكثر من 50 طفلاً ضحية في كارثة القطار والمزلقان الأخيرة، والأغرب بموافقة بنسبة 88%.. الخبر مؤثر ومبك، ابحثوا عن الأمية يا سادة..

لقد عايشت تجربة معمر القذافي البائسة في فترة تجلياتها العجيبة، وتطبيقاً لافتكاسات كتابه الأخضر، تم تشكيل ما أطلق عليه «المؤتمرات الشعبية»، بديلاً للنظم البرلمانية المتعارف عليها تحت شعار «التمثيل تدجيل» ووفق الشعار الإعلاني المنتشر لدينا الآن «ليه يكون لك ممثل لما تقدر تكون ممثل نفسك»، وكان يتم بث معظم أعمال تلك المؤتمرات في كل بقاع ليبيا على الهواء تليفزيونياً، وصارت بحق ملهاة كوميدية، لأنه وفضلاً عن مسئوليتها الممنوحة لها وفق ذلك النظام في اختيار أمناء اللجان العامة (الوزراء) ومحاسبتهم، فإنهم يناقشون ويقررون ويختارون ويمنعون في مؤتمراتهم في القرى والنجوع الاتفاقيات الدولية والتشريع وهم لا يفقهون من أمر ما يقررون شيئاً أو يمتلكون أبجديات خبرات العمل النيابي والسياسي، فكان المشهد مسلياً معوضاً المشاهد المسكين عن شاشة فقيرة إعلامياً وترفيهياً.. الحضور في تلك المؤتمرات معظمهم من الأميين، ولا مجال لاكتساب ثقافة سمعية أو مرئية سوى خطابات الأخ القائد، وعليه كان من الأمور العادية وجود وزراء وقيادات في مواقع مهمة ولحقائب سيادية (مش مكملين تعليمهم)، وحدث ولا حرج عند متابعة مشاهد محاسبتهم والسائل والمسئول ليس لديهما سوى ترديد شعارات على الجميع في الجماهيرية حفظها مثل «من تحزب خان» و«البيت لساكنه» و«والأم تربي طفلها» و«شركاء لا أجراء» و«الجماهير التي نراها في مدرجات الملاعب الرياضية هي جماهير مغفلة تكتفي بمشاهدة 22 لاعباً بينما كان ينبغي جميعها أن تغادر المدرجات إلى الملاعب»..

وأظن أن الأخ القائد كان في قمة السعادة لأن افتكاسته تلك وتطبيقها على هذا النحو كانت تشغل الجماهير وتلهيهم، وتحول بينهم وبين متابعة ما يحدث في كل الدنيا من ممارسات حقيقية للديمقراطية وإنجازات لدول استطاعت التقدم في مجال دعم حقوق الإنسان، بينما تقوم ميليشياته التي كان يطلق عليها مثابات ثورية بالبطش بكل أصحاب الرأي المخالف، بل وكل من لا يستجيب لدعوات مديح النظام والتسبيح بإنجازاته الوهمية، والآن تحصد ليبيا النتائج!!

أعتذر للإطالة في عرض التجربة الليبية التي عايشتها كشاهد عيان، ولكنني رأيت الإشارة إلى مدى خطورة ممارسة أي شكل من أشكال ديمقراطية من جانب المواطن الأمي وتبعات وخطورة تلك الممارسة..

وعليه، تابعت باهتمام الكاتب علاء عريبي وهو أحد أهم كتاب العمود الصحفي من أصحاب القلم المغموس في قلب معاناة المواطن المصري بعيداً عن الحنجورية في القول، فقد تبنى ومنذ قيام ثورة 25 يناير فكرة استبعاد الأميين من المشاركة السياسية، وبموضوعية شديدة كتب مقاله المعنون بــ «16 مليون أمي يختارون الدستور» ومن بين ما كتب: «.. وقد استشهد بقوانين التوظيف واستخراج رخصة القيادة، حيث إن الدولة تشترط الحصول على شهادة محو الأمية للتعيين بوظيفة العامل بالمؤسسات، كما انها ترفض التصريح للأمي بالحصول على رخصة قيادة، لأن القيادة أصبحت تتطلب الاعتماد على العلامات الإرشادية واللافتات الخاصة بالطرق، وقارنت في إحدى المقالات بين المخاطر التي تقع من وللأمي القائد للسيارة والأمي الذي يشارك في الحياة السياسية بالتصويت، قائد السيارة أضراره تقع على شخصه وبعض من يصطدم بهم، في المشاركة السياسية الأضرار تقع على البلاد والمواطنين جميعاً، وقد أشرت إلى أن أغلب الأميين من الشعب يقعون في شريحة الطبقة الفقيرة والأكثر فقراً، وبعضهم يتم شراء أصواتهم بالمال أو بكرتونة زيت وسكر وصابون ومكرونة، وأوضحت أن نسبة الأميين في مصر ليست بقليلة، وأن أغلب هذه النسبة من النساء، وكما نعلم جميعاً أن المنتخبين يقومون باستغلال هذه النسبة في عملية الاقتراع، إما أن يحصلوا على أصواتهم باسم الدين وشرع الله أو بمقابل مادي، وتاريخنا الانتخابي خلال الخمسين سنة الماضية تُعد شاهداً على استغلال هذه النسبة في العملية التصويتية، وغير خفي عن أحد أن الحكومات السابقة هي أول من فكر في استغلال أمية المواطنين تحت عنوان المساواة والديمقراطية، حيث ابتكرت حيلة ماكرة لكي تقنن أصواتهم، هذه الحيلة كانت في ابتكار الرموز الانتخابية التي تدل على الأشخاص من السلم، والجردل، والحمار، والكنكة، والحبل، والهلال، حيث يدخل الناخب إلى اللجنة يبحث عن صورة لكي يؤشر عليها بدلاً من البحث عن أسماء، لأنه لا يجيد القراءة والكتابة..».

علينا أن نفعل يا سادة كل ما من شأنه، بالإضافة لدعم كل الجهود لتقليل نسبة الأمية تفعيل مواد القوانين لدعم فكرة أن يكون برلمانيونا في الفترة القادمة على مستوى نفاخر بهم في فترة نسعى فيها إلى بناء دولة ووطن متحضر.

[email protected]