رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

في الجزء الأول من المقال أشرت إلى خفة ظل الرائع الراحل «صلاح جاهين» ورؤيته النقدية الموضوعية المتميزة بالإيجاز، فقد جاء في مربعه اليومى الكاريكاتوري الشهير في السبعينات، يقول الزوج لزوجته «اطفى التليفزيون ده بقى نملية»، وكأنه يود الإشارة إلى نمطية الإعلام المحدود الفائدة كالنملية التى كانت بمثابة مكون تقليدي نمطي للمطبخ المصرى القديم كمكان لوضع المأكولات بعيداً عن الحشرات دون أن يضمن لها صلاحية البقاء كطعام لافتقادها إمكانيات الحفظ بالتبريد مثلاً، فهى تمثل الشكل القديم غير قابل للتطور فى تقديم وظائف وخدمات جديدة، بعد أن باتت مُخرجاتها لا لون ولا طعم ولا رائحة لها.. 

لقد استشعر «جاهين» مبكراً أهمية عناصر التجدد والتنوع، بل والأهم تقديم التليفزيون وجبات طازجة شهية مفيدة مؤثرة نافعة لبناء الجسد والعقل عبر دفع دماء الحياة تسرى فى النهاية فى جسد وطن يحلم فيه الناس بتحقيق التقدم والرفعة والازدهار والعيش فى سلام.

لقد كان إنشاء أول كلية للإعلام فى السبعينيات من القرن الماضى، واعتبر أمر وجودها ضرورة داعمة لتطوير أقسام الصحافة ورسالتها الحرفية والوطنية بعد حرب أكتوبر 1973، وتناغم ذلك مع ماكان لخطة الإعلام الاستراتيجية بقيادة الدكتور عبدالقادر حاتم قبل وأثناء تلك المعركة العظيمة برؤى ومفاهيم إعلامية مما شكل فى تلك الفترة العنصر الفاعل والداعم لإدارة تلك الحرب، بداية من استثمار كل المعلومات المتاحة وإعادة تقديمها بشكل علمى ومدروس ووطنى فى رسالته للجبهة الداخلية لمحو آثار هزيمة يونية 1967 النفسية والمعنوية، وما لعبه الإعلام المصرى من دور سلبى اعتبره الناس شريكاً فى تضليل الرأى العام وتغييب للاعتراف بالفشل بما يمثل كارثة..

أما على مستوى العالم والمنطقة بشكل عام والعدو الإسرائيلى بشكل خاص، فقد كان نجاح خطة الخداع الاستراتيجى الإعلامية فى تضليل مؤسسات العدو وأجهزته المخابراتية ما يستحق أن يدرس فى مناهج كليات الإعلام، وأن يتبارى المتخصصون فى الحصول على دراسات عليا لتحليل ظاهرة وطنية رائعة فى صناعة النجاح الإعلامى.

ولا ينكر جاحد أيضاً ذلك الدور الإعلامى الوطنى الرائع على مدى العام الأغبر والأسوأ فى تاريخ البلاد والعباد عندما وصل إخوان الندامة والبشاعة إلى سدة الحكم، فمنذ اليوم الأول ومع أول ظهور كارثى لنظام حكم يناصب كل مؤسسات الدولة العداء.

وتوقفت في الجزء الأول من المقال حول السؤال «لماذا تراجع الإعلام في بلادي بعد ثورة 30 يونيو؟!!»..

بدلاً عن البناء على كل تلك النجاحات الشعبية والتجارب الإعلامية الوطنية السابقة، تابعنا مستنقع الرذالات على بعض شاشات التلفاز وفضائيات الغباوة.. إعلام لـ 25 يناير وآخر لـ 30 يونية.. إعلام لنصب محاكمات لمتهمين فى قضايا معروضة فى ساحات المحاكم.. إعلام لبعض من محامى الاستعراض الورنيشى الفشلة فى ساحات المحاكم فيقدمون فواتح لشهية إعلام الخيابة.. إعلام الحلال والحرام وفتاوى الجدل العقيم.. إعلام المذيع المُنظر الفقيه والسياسى والزعيم والقبيح والغبى والجاهل المنفرد بفريسته المشاهد المسكين دون رحمة أو خوف من ديان عادل!!...

أعود لدور كليات الإعلام التي لم يستشعر أساتذتها خطورة دور الإعلام في مراحل الذهاب إلى بناء الدولة، فلم يكن الذهاب إلى تطوير دورها والتفاعل الخلاق مع متغيرات الواقع.. كنت أتخيل على سبيل المثال استحداث أقسام في مجال الإعلام الديني الذي استوحش وضل دوره ببشاعة على المستويات المحلية والعربية والإقليمية، بينما خريجو كليات الإعلام على شاشات الفضائيات المصرية الأرضية المملوكة للحكومة والأخرى الخاصة غير مؤهلين على مستوى الإعداد والتقديم والإخراج لتجهيز برامج قادرة على صياغة مادة قادرة على الرد على فضائيات التديين القشري والطائفي والمساهمة في تغيير الخطاب الثقافي والديني، وحتى عندما تولى بعض أساتذة الكلية رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون قدموا تجارب غاية في الفشل، واستطاعوا بعبقرية التراجع بمؤسساتهم بكل أجهزتها وإمكانياتها الهائلة عن مكتسبات إعلامية سابقة للأسف.. وللموضوع بقية..
[email protected]