اقطعوا رأس الأفعى
لن يتوقف نزيف دماء المواطنين الأبرياء فوق قضبان السكك الحديدية، وتحت أنقاض العمارات المنهارة، إلا إذا تمت محاسبة المسئولين الحقيقيين عن هذه الكوارث، لينالوا عقابهم من الفساد الذى ارتكبوه ويكونوا عبرة لغيرهم، إن استمرار سياسة البحث عن كبش فداء فى كل كارثة تقع كما كان
يحدث فى عهد النظام السابق لن ينهى المشاكل من جذورها، ويؤدى إلى تعليق المسئولية فى رقبة صغار الموظفين الذين يأتى ترتيبهم في نهاية السلسلة، ويستمر المتهمون الكبار فى مواقعهم، وتواصل دماء الأبرياء تدفقها، دون توقف، لأن طريقة العلاج خاطئة عندما نتعامل مع الجرح من الخارج، ولم نصل إلى العمق لاستئصال الداء، إن ميراث الفساد الذى خلفه لنا النظام السابق، تراكم نتيجة تطبيق سياسات اعتمدت على معاقبة حرامى الغسيل، وتجاهلت الحيتان الذين نهبوا المليارات، بعد تطبيق طريقة إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد.
إذا أردنا أن نوقف المآسى اليومية التى تقع على الطرق، وقضبان السكك الحديدية وأنقاض العمارات، وأن نجفف أنهار الدموع التى تسكب على فراق الأبرياء فلابد من تطبيق أسلوب المحاسبة الحقيقية، إن القضاء على الأفعى يبدأ من التعامل مع رأسها، وليس الذيل، إذا بدأنا بالذيل، فلا نضمن التخلص منها، وقد تستطيع الأفعى إذا استدارت برأسها لدغ من يعبث بذيلها!
تصريحات الدكتور حاتم عبداللطيف وزير النقل بعد وقوع كارثة قطار البدرشين، والبيان الذى ألقاه أمام لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشورى، يؤكد وجود شبكة خطيرة من الفساد داخل هيئة السكك الحديدية، التى لم يعرف الوزير عدد العاملين فيها على وجه التحديد، إذا كانوا 70 ألفاً أو100 ألف! الذى يدير شبكة الفساد ويتحكم فيها حيتان كبار، وليس صغار الموظفين أو السائقين أو ملاحظى البلوكات ولا عاملى المزلقانات، أو عاملى البوفيه.. هناك سلسلة طويلة من الفساد لكن رأس السلسة هو الأهم، إذا ضربنا الرأس فلا خوف من الطرف، الكلام الذى ذكره وزير النقل لابد أن يتحول إلى بلاغ للنائب العام، يضاف إلى ملف التحقيقات فى كوارث السكك الحديدية، فنعدما
إن حبس سائقى القطارات وملاحظى البلوكات وعمال المزلقانات فى الجرائم الخطيرة التى تقع بواسطة القطارات بعد ما قاله وزير النقل هو استمرار لسياسة كبش الفداء، التى أدت إلى توحش الفساد فى السابق ونعانى من مواجهته حالياً لأننا نطبق نفس السياسة.
إن الفساد الذى بلغ الحلقوم فى كل مؤسسات الدولة لن نقضى عليه إلا إذا قبضنا على الجانى الحقيقى، الرأس المدبر لكل جريمة، وحصل على الجزاء الرادع.