(خاص) أستاذة اجتماع تُعلق على واقعة المُسن وفتاة المترو.. هل الفجوة الثقافية السبب؟
في واقعة أثارت جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي حول حدود الحرية الشخصية واحترام الكبير داخل الأماكن العامة، أعادت مشادة المترو بين رجل مسن وفتاة بسبب طريقة جلوسها فتح موضوع الإختلاف الثقافي بين فئات المجتمع المصري، وهو ما علقت عليه دكتورة في علم الاجتماع كاشفة أبعادًا اجتماعية وثقافية أعمق خلف المشهد المتداول.

وعلقت الدكتورة سامية قدري الأستاذة في علم الاجتماع بجامعة عين شمس في تصريحات خاصة لـ “الوفد” على واقعة المشادة التي شهدها مترو الأنفاق بين رجل مسن وفتاة بسبب جلوس الأخيرة بوضعية «رجل على رجل»، موضحة أن خلفية الرجل الثقافية لعبت دورًا رئيسيًا في تصعيد الموقف.
وقالت الدكتورة الفائزة بجائزة الدولة للتفوق فى العلوم الاجتماعية عن مجمل أعمالها إن الرجل بحسب ما تردد، ينتمي إلى ثقافة صعيدية تقليدية، وهو ما يجعله غير متقبل لرؤية فتاة صغيرة تجلس بهذه الوضعية، مؤكدة في الوقت نفسه أن من حق الفتاة الجلوس بالطريقة التي تراها مريحة لها طالما لا تسيء أو تضر بالآخرين.
وأشارت إلى تجربة شخصية مشابهة تعرضت لها في إحدى وسائل المواصلات، مؤكدة أنها ردت بهدوء وأدب دون افتعال مشادة، موضحة أن الرد الهادئ كان كفيلًا بإنهاء الموقف، وهو ما كان يمكن أن تفعله الفتاة بقولها إنها لا تسيء لأحد وتجلس بالطريقة التي تريحها.

وأضافت أن الجيل الجديد لا يمتلك وعيًا كافيًا بالثقافات التقليدية القديمة، كما أن مفاهيم احترام الكبير والسلطة الأبوية بدأت تتراجع بشكل ملحوظ، مشددة على أن الفتاة ليست مخطئة، وأن تصرف الرجل نابع من ثقافته، لكن كان من الأفضل أن يتدخل أشخاص حكماء لاحتواء الموقف بهدوء دون انفعال.
وتابعت أن المشكلة الأكبر التي تتكرر داخل وسائل المواصلات العامة تتمثل في تدخل بعض الركاب الواقفين بشكل غير عادل، مؤكدة أن الواقعة كانت تحتاج إلى أشخاص عقلاء يشرحون للرجل المسن أن الفتاة لم تقصده بالإساءة، وأن الشباب اعتادوا الجلوس بهذه الطريقة، مع تذكيره بأنها في مقام ابنته.
وفي المقابل، أشارت إلى أنه كان من الممكن أيضًا توجيه الحديث للفتاة بهدوء لتوضيح أن الرجل كبير في السن وينتمي إلى ثقافة صعيدية لا تتقبل مثل هذه الوضعيات، مؤكدة أن دور الآخرين في مثل هذه المواقف بالغ الأهمية.
وأوضحت دكتورة علم الاجتماع أنها لاحظت في الفترة الأخيرة اتجاهين متناقضين في الشارع المصري ووسائل المواصلات العامة تحديدًا، إما سلبية مفرطة وامتناع كامل عن التدخل، أو تدخل سلبي يؤدي إلى إشعال الخلاف وتصعيده، معتبرة أن كلا السلوكين غير صحيين.
واختتمت حديثها بالتأكيد على ضرورة نشر ثقافة التدخل الإيجابي القائم على الحكمة والهدوء، وتحقيق التوازن بين الحرية الشخصية والالتزام المجتمعي، بما يضمن عدم إيذاء الآخرين واحترام الفوارق الثقافية، خاصة عند التعامل مع كبار السن، لتجنب تكرار مثل هذه المشاهد داخل المجال العام.