اتحاد الجمباز يغير نتائج كأس مصر ويمنح الذهبية لابنة وزير حالي
شهد الاتحاد المصري للجمباز في بطولة كأس مصر لجمباز الأيروبيك، التي أُقيمت بالصالة الدولية في نادي اتحاد الشرطة، حالة من الجدل عندما جامل الاتحاد صراحةً ابنة وزير حالي، ومنحها الميدالية الذهبية على طبق من ذهب، رغم أنها لم تؤدِ أيًا من المهارات الإجبارية المعتمدة في اللعبة، ولم تمارس التدريب من الأساس، لتتحول البطولة إلى مشهد من المحاباة الفجة كما وصفها البعض، وتنهار أمام أعين الحضور كل قواعد العدالة والرياضة النظيفة.

أخلى اتحاد الجمباز المدرجات بالكامل من الجماهير وأولياء الأمور، وأبقى الوزير وزوجته وابنته فقط في المقاعد الأمامية، بينما زُجَّ ببقية الحاضرين في مدرج ضيق بعيدا عن أرض الملعب، حتى انعدمت الرؤية وحدث تكدس كبير، وقف فيه العشرات من أولياء الأمور لا يجدون موضع قدم، وبدأ الجميع يدرك منذ تلك اللحظة أن البطولة خرجت من مسارها الرياضي إلى مسرح نفوذ واضح، وأن النتائج حُسمت سلفًا لصالح بنت الوزير.
جهزوا الذهبية لابنة الوزير قبل النتيجة المزورة
سبق مسؤولو الاتحاد النتيجة الرسمية، وجهزوا الصينية التي تحمل الميدالية الذهبية قبل حتى أن تنهي اللاعبة أداءها، في واقعة أثارت غضب كل من في الصالة، المفترض أن تُعرض النتائج بعد انتهاء الجملة على الشاشة المقابلة للحكام، ثم تُرسل الأرقام إلى الإدارية المسؤولة التي تُحضر الميداليات بناءً على الترتيب، لكن ما جرى مع بنت الوزير كان صادمًا فكانت الميدالية الذهبية موضوعة مسبقًا على الصينية منذ بداية أدائها، وكأن النتيجة كُتبت قبل أن تبدأ المنافسة وقام الاتحاد المصري للجمباز مسبقًا بترتيب اللعب بحيث تكون بنت الوزير آخر متسابقة في الكشف، تحمل رقم 61، لتضمن اللجنة أن تمر النتيجة بلا ضوضاء بعد خروج أغلب أولياء الأمور.

شاهد الواقعة خلال تواجده بالمدرجات مدرب جمباز أيروبك ( م . ع ) حاصل على شهادة تحكيم، وقال لـ«الوفد» إن اللاعبة لم تُؤد أي حركة إجبارية من الحركات الأربع الأساسية وهي: الإيرترن، البروت، الزاوية، البوش أب، وقال نصًا: "البنت نزلت ترقص فقط، لم تقدم أي مهارة فنية أو بدنية، ولا تستحق حتى المشاركة، فما بالنا بالذهب؟". وأضاف أن ما حدث أهان كل لاعبة مجتهدة تدربت لأشهر في سبيل لحظة صادقة على البساط.
تحدث أولياء الأمور بانفعال، وارتفعت الأصوات في المدرجات فور إعلان النتيجة، مرددين: "مفيش عدل.. اتحاد فاسد.. دي مش رياضة"، في حين التزم مسؤولو الاتحاد الصمت التام، ومرروا النتيجة كما هي دون أي مراجعة أو إعادة تقييم للأداء.
وأكدت إحدى الأمهات، تدعى ( ز . أ ) ولية أمر لاعبة حصلت على الذهبية خلال البطولة، لـ«الوفد» أنها انتظرت خصيصًا لترى بعينها نتيجة بنت الوزير رغم أن ابنتها انتهت من المنافسة منذ الصباح، وقالت بالحرف: "كنت متأكدة إن في مجاملة.. بنت الوزير جديدة تمامًا، اتسجلت الشهر ده بس، ولا تعلم أي شئ عن الجمباز، نزلت تمرين مرة أو اتنين علشان تحفظ الرقصة، مش علشان تتعلم مهارات."
وكشفت أن اتحاد الجمباز رتب ترتيب اللعب بحيث تكون بنت الوزير آخر متسابقة في الكشف، تحمل رقم 61، لتضمن اللجنة أن تمر النتيجة بلا ضوضاء بعد خروج أغلب أولياء الأمور، وأكدت أن معظم الحضور لاحظوا أن الفريق المصاحب لها نال أيضًا ميداليات غير مستحقة، من بينهم لاعبة تُدعى ( ف . أ ) رقم 51، التي لم تؤدِّ المهارات الأساسية أيضًا، ومع ذلك حصلت على فضة مستوى ثانٍ دون وجه حق.
تحول المشهد في الصالة إلى موجة غضب مكتومة، امتزج فيها الاستنكار بالمرارة، بعد أن شعر الجميع بأن الرياضة المصرية تُدار بالواسطة والقرابة، لا بالكفاءة ولا بالنتائج ، حيث صار مشهد بنت الوزير وهي تتسلم الذهبية بينما لم تُنهِ جملتها الفنية بعد، حديث كل الحضور، وسجّل لحظة سقوط أخلاقي مدوٍّ لاتحاد يفترض أنه يمثل القيم الأولمبية والنزاهة وقد امتد الفساد ليشمل طريقة إدارة اليوم بالكامل، فالموظفون والإداريون انشغلوا بإرضاء الوزير وزوجته أكثر من انشغالهم بتنظيم البطولة، حتى إن بعضهم أُجبر على ترك مهامه لينفذ أوامر خاصة تتعلق بجلوس الأسرة الوزارية، بينما تم تجاهل شكاوى أولياء الأمور من سوء التنظيم والزحام.
أكد مصدر لـ«الوفد» أن تعليمات غير رسمية وصلت من أحد أعضاء مجلس الإدارة بضرورة "التحضير المسبق" لنتائج بعينها، وهو ما يفسر تواطؤ الإداريات في تجهيز الميدالية مبكرًا قبل ظهور النتيجة.
وفتحت الواقعة بابًا خطيرًا حول فساد اتحاد الجمباز المصري، الذي بات نموذجًا مكررًا لنهج المجاملات الذي يضرب الاتحادات الرياضية منذ سنوات، حيث تُستغل المنافسات الرسمية لتلميع أبناء المسؤولين على حساب أصحاب الموهبة الحقيقيين، في غياب كامل للرقابة من وزارة الشباب والرياضة.
لم يتوقف الانحراف عند حدود المجاملة فقط، بل تعداه إلى اضطهاد لاعبات أخريات شاركن في البطولة، منهن لاعبة متميزة أُديت ضدها ممارسات غير قانونية وتم منعها من الدخول في البداية ومقايضة أسرتها بالتوقف عن الكتابة مقابل السماح لها بالمشاركة، وعندما أصرت الأسرة على حقها القانوني، سُمح لها بالدخول لكن بعد أن تم التضييق عليها داخل المنافسة وخُفِّض تقييمها رغم أدائها الممتاز، وتحولت بطولة جمباز الأيروبك من احتفال رياضي إلى مشهد عبثي يعكس عمق الأزمة داخل المنظومة الرياضية المصرية، حيث يضيع حق المتفوقين الحقيقيين أمام نفوذ الكبار وأبناء المسؤولين ما حدث داخل صالة اتحاد الشرطة ليس مجرد واقعة عابرة، بل جرس إنذار مدو لوزارة الشباب والرياضة، التي تلتزم الصمت بينما تُرتكب المخالفات في وضح النهار تحت لافتة الرياضة.

















