كلمة حق
معذرةً فأنا ولأول مرة أبدأ حديثى إليكم بأسئلة.
الأول: هل سأل أحد من حضراتكم نفسه قبل ذلك يعنى إيه فكرة جواز السفر؟ يعنى إيه دفتر صغير من عدة ورقات هو الوسيلة الوحيدة لتنقلك وترحالك؟ هو المفتاح الذى به تفتح لك المطارات وأختام الدول، بياناته تثبت جنسيتك وبلدك وعملك وديانتك؟
السؤال التانى والأخير: هل سأل أحدكم نفسه يعنى إيه سفارة أو قنصلية مرفوع عليها علم بلدى فى قلب لندن أو طوكيو أو جنيف؟
الإجابة بسطية: جواز السفر يعنى الوطن، يعنى العرض والشرف، يعنى حاجات كتير وكتير قووى قوووى يستشعرها كل من اغترب وسافر خارج البلاد، وهذا الإحساس لدى كل مواطن تجاه دولته، فما بالك مع المصريين تحديداً، فله حب وعشق وخصوصيه متفردة، يجد فيه الحنين والدفء، ويقابله بالولاء والانتماء.
وإجابة السؤال الثانى أبسط كون السفارة رغم أنها خارج الحدود وبينها وبين الدولة آلاف الأميال فإنها أرض الدولة، ولها سيادتها وقوانينها ورمزيتها وقدسيتها التى لا تمس، العلم المرفوع فوقها له قوته وقيمته التى يستمدها من دولته.
ومن هذا المنطلق وبهذه المشاعر الوطنية الجامعة بين شرف الباسبور وقدسية السفارة والدم المصرى الحر الذى يفسر بصدق ما فعله الشباب المصريون الذين تصدوا بقوة للهجوم المنظم من الجماعات إياها، التى قامت بمحاولات التعدى على السفارات المصرية فى الخارج بادعاءات تقودها جماعات التخريب فى رغبة خبيثة ومأجورة للتقليل من الدور الوطنى الكبير الذى تقوم به مصر فى دعم قطاع غزة والقضية الفلسطينية.
عزيزى القارى لعلك لاحظت ما قام به الشاب المصرى أحمد عبدالقادر «ميدو» أحد أبناء الجالية المصرية فى بريطانيا، وكيف تصدى بكل قوة ضد محاولات المساس بالسفارة المصرية رمز السيادة بالنسبة لمصر.
فالمصريون فى الخارج لا يرون السفارة مجرد مبنى رسمى، من جدران وأبواب، بل يعتبرونها بيت الوطن الذى يمثل دولتهم وكرامتهم، وقد أثبتت التجارب أن تحركات الشباب السريعة، وحرصهم على التواجد الفعّال أمام السفارات عند الحاجة، كان له أثر كبير فى ردع محاولات التخريب أو التظاهر العدائى ضد المصالح المصرية.
الزاوية المهمة التى لفتت انتباهى، وترجمت بصدق قوة الوثيقة الخضراء وهى الباسبور المصرى، تجسدت فى التدخل السريع التوجيه الفورى من سيادة الرئيس لوزير الخارجية والذى تدخل بكل قوة وحزم انتهت وبسرعة بالإفراج الفورى عنه وعن باقى زملائه، لقد عكست أزمة الإفراج عن الشاب المصرى «ميدو» صورة عملية للتكامل بين الدولة وأبنائها فى الخارج، فقد جاء هذا الاتصال ليؤكد أن المواطن المصرى فى أى مكان بالعالم له دولة قوية تحميه، وأن صوت الشباب المصرى لا يسقط فى الفراغ، بل يجد استجابة مباشرة من القيادة السياسية وأجهزتها التنفيذية.
فى اعتقادى أن هذا الموقف والتحرك السريع، عزز الثقة المتبادلة بين الشباب المصرى ودولتهم، ورسّخ قناعة أن مصر لا تتخلى عن أبنائها تحت أى ظرف، وأن الجسور صلبة وممتدة ولن تسقط أبداً وستظل شريانا بين الوطن وأبنائه فى الخارج.
أبناء مصر سجلوا هدفا، وبعثوا رسالة بأننا سفراء وجنود لحماية الوطن وأمنه وسفارته فى أى مكان، وبعثوا برسالة للشباب والنشء بأن الوطن يجرى كالدم فى الوريد.
حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وجيشها وشرطتها... وتحيا مصر.
وللحديث بقية مادام فى العمر بقية
المحامى بالنقض
رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد بمجلس الشيوخ