رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

من يعرف معنى وقيمة ذلك الصرح الإعلامى والثقافى والفنى المدعو ماسبيرو، ومن حالفه الحظ والوقت أن زاره وتجول بين طرقاته واستوديوهات إذاعته أو تليفزيونه أو أماكن التصوير الدرامى بداخله، ورأى وشاهد روعة ودقة المبانى والأجهزة والنظافة والأناقة والانضباط قبل يناير 2011 … فله أن يبكى ويحزن ويذرف الدموع على ما آل إليه حال وأحوال كل ما ومن  فى هذا الصرح العظيم من أجهزة واستوديوهات وأثاث وديكور وموظفين وإعلامين وكفاءات أثرت الشاشات المصرية والفضائيات العربية وعلمت أجيالًا فى مصر والوطن العربى معنى الإعلام ومفهوم الثقافة وجمال ورقى الفن.. ماسبيرو ليس مجرد مبنى على ضفاف نهر النيل العظيم يجاور أشهر ميادين مصر الحديثة ميدان التحرير، ويجاور منطقة وسط البلد التى أسست على الطراز الفرنسى فى أواخر القرن التاسع عشر، ولكن ماسبيرو صرح افتتح يوليو  1960 كأول بث تلفزيونى فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا جامعًا الإذاعة المصرية والتلفزيون العربى آنذاك، ثم تحوله إلى الفضاء والقمر الصناعى فى التسعينات حين انطلقت القنوات المتخصصة والقنوات الاقليمية فى الدلتا والصعيد والإسكندرية ومدن القناة؛ كل هذا التطور كان بمثابة تاريخ وطن وأمة أثرت على إقليم الشرق الأوسط وعلى بلدان الوطن العربى وشمال أفريقيا ومكنت مصر من الريادة الحقيقية فى مجال الإعلام المسموع والمرئى، وكذلك مجال الدراما والفن والأخبار...

إلى أن قرر من قرر أن يدفن هذا التاريخ حيًا ويجمده فى ثلاجة الموتى ببطء وإهمال متعمد وتم إنشاء كيانات إعلامية موازية؛ الأخبار والإذاعة والصحافة والدراما والبرامج والشاشات وكانت الكفاءات الإعلامية والخبرات الفنية والتقنية التى ساندت تلك الكيانات الإعلامية معظمها من أبناء ماسبيرو ولكن فى مناخ عمل مختلف تسيطر عليه فكرتان أساسيتان، الأولى وهى توحيد الخبر والبرامج والأصوات بحيث تختفى تمامًا الأصوات المعتدلة التى تبغى مصلحة الوطن وتهيمن الشخصيات والوجوه والأخبار المكررة، ولم يعد الخبراء هم الضيوف ولكن المستفيدين والذين لا يخدمون الوطن بتقديم الأفكار والحلول الجادة والذين يراقبون أداء المسئولين وإنما من يسعون  للتواجد والقرب من الدوائر لمزيد من الاستفادة الشخصية وليذهب الصالح العام إلى حيث ألقت ...

الفكرة الثانية التى تسيطر على تلك الكيانات الموازية لماسبيرو هى أن الإعلام ما هو إلا أخبار محددة من مصدر واحد وبرامج تعتمد على التفاهة والجذب الجماهيرى من طبيخ إلى كورة، ومن فتاوى غريبة إلى برامج فنانين وفضائح أنصاف ممثلين كومبارس حتى اختفت تمامًا البرامج الثقافية الفكرية النقدية وتحولت الدراما إلى ورش كتابة صبيانية وإلى قصص معادة تدور حول حارة وبلطجة أو كومباوند وسطوة رجال مال ومخدرات وخيانات زوجية وعلاقات إنسانية شاذة وغريبة.

ثم فجأة تنكشف الحقائق وتنجلى الأنوار ويتهاوى الكيان أو الكيانات الموازية بعد أن تم تحويل جيل ومجتمع إلى عشوائية وإلى شباب غير منتمٍ فاقد الهوية والوطنية بلا فكر ولا ثقافة ولا فن راقٍ بناء.

ماسبيرو يحتاج إلى رؤية شاملة وليس رؤية فردية وإلى مجلس أمناء من المثقفين والأساتذة والخبراء الحقيقيين وليس إلى مناصب ومراكز وألقاب... عودة إعلاميين وبرامج لا تعنى إعادة الحياة، حيث عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء.. التجديد مع الأصالة.. الفكر المستنير والحرية والشفافية وأصوات ووجوه جديدة مخلصة واعية... متى نصفق لماسبيرو وللإعلام المصرى بدلًا من أن نبكى عليه.