الدخان وعلامات الساعة الكبرى.. هل وقعت العلامة بالفعل أم ما زالت منتظرة؟

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن من أبرز علامات الساعة الكبرى التي ستظهر في آخر الزمان هي الدخان، إلى جانب طلوع الشمس من مغربها، مشيرًا إلى أن هذه العلامات العظيمة تُعد من مقدمات يوم القيامة.
علامات الساعة الكبرى:
وأوضح جمعة، في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، أن القرآن الكريم أشار إلى هذه العلامة الكبرى في سورة الدخان، حيث قال تعالى:"فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ" [الدخان: 10-11].
وأضاف، أن السنة النبوية الشريفة أوضحت أن ظهور الدخان من العلامات السابقة ليوم القيامة، مستدلًا بما رواه حذيفة بن أسيد رضي الله عنه، قال: "اطلع علينا رسول الله ﷺ ونحن نتذاكر الساعة، فقال: ما تذاكرون؟ قلنا: نذكر الساعة، فقال: إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة..." [رواه مسلم].
كما أورد جمعة حديثًا آخر رواه أبو هريرة رضي الله عنه، جاء فيه: "بادروا بالأعمال ستًا: طلوع الشمس من مغربها، أو الدخان، أو الدجال، أو الدابة، أو خاصة أحدكم، أو أمر العامة" [رواه مسلم].
وأشار كذلك إلى حديث نبوي شريف يرويه الطبراني عن النبي ﷺ، جاء فيه:"إن ربكم أنذركم ثلاثًا: الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية: الدابة، والثالثة: الدجال".
وبيّن جمعة أن مسألة ظهور الدخان كانت محل نقاش بين العلماء؛ فبينما يرى بعضهم أنه قد ظهر بالفعل في عهد النبي ﷺ، يرى آخرون أنه لم يظهر بعد، وسيكون من علامات اقتراب الساعة.
الدخان أبرز علامات الساعة الكبرى:
وقد أشار إلى رأي الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، الذي كان يرى أن الدخان قد وقع بالفعل عندما أصيبت قريش بالجوع الشديد بعد أن دعا عليهم النبي ﷺ، حيث أصبحوا يرون في السماء كهيئة الدخان نتيجة للضعف والجوع. وقد ورد في الحديث عن مسروق بن الأجدع أنه قال:"كنا جلوسًا عند عبد الله بن مسعود، فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن قاصًّا يقصّ ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، فقال عبد الله -وجلس وهو غضبان-: يا أيها الناس، اتقوا الله، من علم منكم شيئًا فليقل بما يعلم، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإن الله عز وجل قال لنبيه ﷺ: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ)، إن رسول الله ﷺ لما رأى من الناس إدبارًا قال: اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف، فأخذتهم سنة حصّت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وكان أحدهم ينظر إلى السماء فيرى كهيئة الدخان." [رواه الترمذي وابن حبان].
كما قال ابن مسعود:"خمس قد مضين: اللزام، والروم، والبطشة، والقمر، والدخان." [رواه البخاري ومسلم].
في المقابل، ذهب كثير من الصحابة والتابعين إلى أن الدخان لم يظهر بعد، وأنه سيكون من الآيات الكبرى المستقبلية التي ستظهر قرب قيام الساعة، ومن هؤلاء: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم، بالإضافة إلى كثير من علماء التابعين.
ويظل هذا الموضوع من المسائل الغيبية التي وردت فيها نصوص صريحة، وتنوعت فيها آراء العلماء بين من يرى تحققها في الماضي ومن ينتظر وقوعها في المستقبل، مما يدل على عمق وغزارة التراث الإسلامي في مسائل الآخرة والساعة.