ما حكم النقاب في الحج.. ولماذا كانت تغطي السيدة عائشة وجهها خلاله؟
أجاب الدكتور علي جمعة محمد، مفتي الديار المصرية السابق، عن سؤال متكرر حول حكم النقاب، وما إذا كان فرضًا على المرأة المسلمة، مستندًا إلى الحديث المنسوب للسيدة عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغطي وجهها في الحج حتى يمر الركب.
زي المرأة الشرعي: ضوابط لا تقتصر على النقاب
أوضح الدكتور علي جمعة أن الزي الشرعي المطلوب من المرأة المسلمة هو كل لباس لا يصف مفاتن الجسد، ولا يشف، ويستر الجسم كله عدا الوجه والكفين. ويجوز أن يكون ملونًا شرط ألا يكون لافتًا للنظر أو مثيرًا للفتنة. وأكد أنه إذا توفرت هذه الشروط، جاز للمرأة ارتداء هذا الزي والخروج به.
النقاب: سنة وليس فرضًا
فيما يخص النقاب (تغطية الوجه) والقفازين (تغطية اليدين)، بيّن المفتي أن جمهور الأمة من الصحابة والعلماء ومن تبعهم يرى أن ستر الوجه والكفين ليس واجبًا، استنادًا إلى قول الله تعالى:﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31]، والذي فسّره عدد من كبار الصحابة مثل ابن عباس وأنس وعائشة رضي الله عنهم بالوجه والكفين.
كما استشهد بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها عليه وهي ترتدي ثيابًا شفافة، فأعرض عنها وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا، وهذا» وأشار إلى وجهه وكفيه. (رواه أبو داود)
السيدة عائشة والنقاب في الحج: فعل لا يدل على الوجوب
ورغم استشهاد البعض بحديث السيدة عائشة الذي قالت فيه:"كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"، أوضح الدكتور جمعة أن هذا الفعل لا يدل على وجوب ستر الوجه، لاحتمال أن يكون خاصًا بأمهات المؤمنين، كما أن أفعال الصحابة لا تفيد الوجوب في الفقه الإسلامي.
الإحرام وكشف الوجه: دلالة واضحة
استدل المفتي بحديث البخاري عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين»، معتبرًا أن ذلك يدل على أن الوجه والكفين ليسا عورة، وإلا لما أُبيح كشفهما أثناء الإحرام أو الصلاة، إذ لا يعقل أن يُؤمر المسلم بكشف العورة في مواضع العبادة.
ستر الوجه والكفين جائز لكنه غير واجب
اختتم الدكتور علي جمعة فتواه بالتأكيد على أن ستر الوجه والكفين للمرأة المسلمة ليس فرضًا، بل يدخل في دائرة المباح. فإن غطت المرأة وجهها وكفيها فهو جائز، وإن اكتفت بالحجاب الشرعي دون تغطيتهما فقد أدّت ما عليها شرعًا.
