رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

«التضخم».. هو واحد من أسوأ الأمراض التى تضرب اقتصاديات الدول.. وهو بشكل مبسط ارتفاع مستمر فى مستوى الأسعار.. ووجهه الآخر انخفاض قيمة العملة وتراجع القدرة الشرائية.
ومن أشكاله تضخم الأسعار.. تضخم الدخل.. تضخم التكاليف.. التضخم النقدى.. وتضخم الائتمان المصرفى.
وتنقسم درجاته إلى.. بطىء أو متسارع أوجامح أومفرط.. والأخير هو أعلى درجاته التى فيها يزيد معدله على 50% شهرياً.. ويؤدى التضخم مع غياب فهم حقيقى لطبيعته.. إلى الركود والركود التضخمى.. وأخيراً تنقلب العجلة إلى الانكماش.. ويعتبر تراجع نسبة البطالة.. إحدى الظواهر المصاحبة للتضخم فى بعض مراحله.. وهو هنا ليس إنجازًا.. ولكنه مؤشر للقادم الأسوأ «الركود التضخمى».
وللتضخم أسباب عدة، منها.. زيادة المعروض النقدى.. زيادة الدين العام.. زيادة الأجور.. انخفاض قيمة العملة.. عجز العرض عن تلبية الطلب.. زيادة تكلفة الإنتاج نتيجة العوامل السابقة مضافة إليها زيادة الرسوم والضرائب.. انفلات الأسواق والممارسات الاحتكارية.. انخفاض الإنتاج. 
والمتأمل في وضع التضخم فى الحالة المصرية.. يجد أن هذه الأسباب تكالبت عليه مجتمعة.. والأغرب أنها جميعاً كان يمكن تلافيها عبر قرارات حكومية.. لكن ما حدث كان العكس.. فكان لها جميعاً تأثير متراكب ومتتابع على الأسواق وعلى ارتفاع معدلات التضخم الحقيقى «وليس المعلن». . بدءاً من رفع أسعار الطاقة والخدمات.. إلى أسعار السلع والعقارات.. سواء كان هذا الرفع بشكل مباشر أو عن طريق رفع التكلفة.. والأعجب مجافاة كل ما إجراء طبيعى ومفترض فى تلك الأوضاع.. فبدلاً من توفير السلع عمدت الحكومة لتصدير المحلى منها لإحداث سلسلة من الأزمات غير المسبوقة، خاصة فى المنتجات الغذائية.. بدءاً من الليمون والفواكه والخضراوات وصولاً إلى السكر والبصل.. ولم تكن أزمة الأعلاف وما أحدثته فى أسعار اللحوم والدواجن ببعيدة عن أيدى الحكومة.. وفى الوقت الذى كانت الأوضاع تتطلب إجراءات غير عادية للسيطرة على الأسواق.. كانت تصريحات المهندس مصطفى مدبولى بأن حكومته لا تتدخل فى الأسعار، متجاهلاً الخيط الرفيع بين الحرية والفوضى، بمثابة الضوء الأخضر للصوص للتلاعب بالسلع والأسعار كما يحلو لهم.. والحجة حرية الاقتصاد!.
أما السياسة المالية.. فقد أطلقت صاروخ الأسعار وحدث ولا حرج.. متغاضية عما أحدثه التطبيق بالأسواق والاقتصاد بشكل عام.. ويكفى هنا الإشارة إلى أنه حينما اتجهت الدولة لكبح الاستيراد.. فى محاولة للسيطرة على العجز والموازين المختلة فى كل شىء.. كانت عناصر الإنتاج هى أول ضحايا تلك القرارات.. لتنعكس مباشرة على الأسواق والأسعار.. ليطرح ذلك العديد من علامات الاستفهام حول تنفيذ أو فهم القرارات.
ويأتى تخفيض قيمة العملة.. فى مقدمة أسباب انفجار التضخم.. ففى المرة الأولى لخفض قيمة العملة تم التبرير بأنه العصا السحرية، لجذب الاستثمارات وإصلاح الأوضاع الاقتصادية.. ورغم أن النتيجة كانت العكس تماماً.. تم تكرار نفس الفعل للمرة الثانية والثالثة والرابعة.. وفى كل مرة تزداد الخسائر ويزداد الوضع سوءًا.. والسؤال هنا كم كارثة نحتاج إليها.. وما مقدار الخسائر المطلوب.. حتى ندرك فشل ذلك التوجه!.
الخلاصة إن أوضاع الاقتصاد المصرى فى حاجة عاجلة وملحة إلى حكومة اقتصادية يتميز رجالها بالفهم لا الحفظ.. رجال أصحاب فكر تنموى لا «بيعى».. يعرفون الفارق بين تعظيم ثروات الأمم وإهدارها.. يدركون قيمة الإنتاج لرفع الناتج المحلى.. وماذا تعنى كلمة ميزانية موحدة.. حكومة لديها خطة حقيقية لإعادة بناء اقتصاد الدولة.. والقدرة على إدارة الأدوات المالية والنقدية باحتراف لخدمة الإنتاج لا القضاء عليه.. فالتشخيص الحقيقى للمرض هو أول خطوات العلاج.. وليس التلاعب بالأرقام والمسميات وسلة حساب التضخم للخروج بنتائج مضللة وكاذبة عن حقيقة تضخم تخطى الـ200%.