عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

إسرائيل ليست شعب الله المختار كما تزعم ولا الجنس السامى الذى ميزه الله على سائر الشعوب كما تقول، المجتمع اليهودى فى إسرائيل فى حقيقته منذ قيام دولة إسرائيل على تراب فلسطين التاريخية عام 1948 حتى الآن، لم تتوقف عنصريتها على ما دونها من شعوب الأرض، بل وصل الأمر إلى التمييز والعنصرية المقيتة بين بعض اليهود وبعضهم الآخر فى ذات المجتمع الإسرائيلى الذى استشرت فيه العنصرية والطبقية والتمييز. زادت تلك المظاهر واستفحلت مع قدوم موجات متتالية من هجرات اليهود من مختلف بقاع الأرض من أوروبا وأمريكا وروسيا وآسيا الوسطى ومن إفريقيا ومن الدول العربية من اليهود الذين زحفوا فى صورة موجات متتابعة إلى ما يعرف فى عقيدتهم بأرض الميعاد التى تجمعهم بعد عقود من الشتات فى الأرض على حد معتقداتهم وإيمانهم بنصوصهم الدينية.. جاء هؤلاء من هنا وهناك بثقافات ومعتقدات وعادات وموروثات مختلفة من بيئات متعددة ما يفرقهم أكثر مما يجمعهم، رغم وحدة الهدف الأكبر بالنسبة لهم وهو إسرائيل الكبرى أرض الميعاد، لكن هذا الهدف توارى رويداً رويداً مع بروز الطبقية واستشراء العنصرية وعلو المصالح الفردية لكل فئة وطائفة أتت إلى إسرائيل لكنها لم تتخلَّ عن إرثها وثقافتها الأصلية، البعض رفع شعار الأرض لنا والولاء للوطن الأم الذى قدموا منه.

كان المجتمع اليهودى قبل عام 1948، أقل تمايزاً من الناحية الطبقية، فقد تميز ذلك المجتمع بعدم وجود طبقة إقطاعية لأن أغلبية الأراضى التى اشتراها اليهود عام 1947 كانت ملكاً للصندوق القومى اليهودى، وهى أرض سجلت باسم الشعب اليهودى، واعتبرت غير قابلة للانتقال، كما أن الطبقة البرجوازية اليهودية كانت فى طور النمو ولم تأخذ بالتبلور إلا فى الهجرة الخامسة.

الدولة العبرية لدى قيامها كانت كثيرة التدخل فى بلورة الفرص واستيعاب المهاجرين بكل مناحى الحياة، فكانت تساعدهم مادياً وبالسكن وتعلم العبرية والتأهيل المدنى والعمل والإعفاء من الضرائب، وبعد قيام الدولة سعت المؤسسات القائمة بالوسائل الإدارية لدمج وصهر القادمين فى المجتمع، فقد كانت بوتقة الصهر تطمح إلى أن يترك المهاجرون ثقافتهم وينصهروا فى الثقافة السائدة بالبلد، وبما أن أنماط الحياة السائدة كانت غريبة فقد كان مطلوباً من الشرقيين تحديداً تبنيها على اعتبار أن الإشكناز الغربيين كانوا ينظرون للشرقيين على أنهم فى أدنى السلم الاجتماعى والثقافى والسياسى وأنه يجب أن يمر الشرقيون بمرحلة التحضير للاندماج بالمجتمع اليهودى الوليد.

التوزيع السكانى فى إسرائيل أيضاً اصطبغ بصبغة عنصرية حيث تأثر بتدخل الحكومة الكبير فى تشكيل الجغرافيا الاستيطانية وتوزيع المستجلبين وقد خضع هذا التوزيع لأهداف جيوسياسية وأمنية وأيديولوجية. فقد تركز الإشكناز وسط البلد والساحل والشرقيون على مناطق التماس مع الفلسطينيين سواء على الحدود اللبنانية أو مع الضفة الغربية وذلك حتى ينجح النظام الإشكنازى الاستعمارى فى زج اليهود الشرقيين فى مقدمة المواجهة مع العرب لكى تزداد حدة الكراهية.

النخب السياسية فى إسرائيل تبنت سياسة بيروقراطية استيطانية لتقزيم تأثير الهجرة سياسياً وثقافياً، ووضعت سياسة الاستيعاب لضمان هيئة النظام السياسى الذى تبلور فترة الاستيطان «هيمنة الإشكناز» وعانى الشرقيون جراء فقر مواردهم ما أدى لضعفهم وتهميشهم وحتى عندما تم التراجع عن بوتقة الصهر بقى اتساع الفجوات قائماً، والشرقيون يعرفون بأنهم يقليديون أو محافظون وهناك شرائح منهم من الحريديم ويصنف جزء منهم من العلمانيين والانحراف للحريديم كان ردة فعل من الجيل الثانى على أسلوب الاستيعاب المذل للجيل الأول. ثم ظهرت نخبة شرقية علمانية عملت على الانجراف بالنخبة الحاكمة والزواج المختلط ما أنشأ نخبة شرقية سياسية واقتصادية وثقافية تشبه الطبقة الوسطى الإشكنازية.

التفرقة العنصرية تظهر فى إسرائيل بشكل جلى فى تعريف إسرائيل لذاتها من خلال كونها دولة يهودية وديمقراطية، وكذلك غياب كلى لدستور تشريعى أو عهد حقوقى مكتوب.

وبحسب القانون الإسرائيلى، فإن إسرائيل دولة «ديمقراطية يهودية» فى آن معاً، إلا أن بنية الدولة القائمة فى إسرائيل اليوم تصنف كدولة يهودية قائمة من أجل خدمة صالح ومصالح الأغلبية اليهودية فيها حصراً، وتميزهم على كل من هو غير يهودى فى الدولة عبر سياسات الدولة وأدواتها التشريعية والقانونية.