رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

تقع مصر فى موقع القلب من العالم، فهى نقطة تلاقى قارات العالم القديم، أفريقيا وآسيا وأوروبا، كما تطل على بحرين هما البحر الأحمر والبحر المتوسط، وتشرف على خليجين هما خليج السويس وخليج العقبة، وعلى أرضها تجرى قناة السويس، أحد الممرات المائية الدولية، كما يتدفق عبرها نهر النيل الذى يمثل شريان الحياة لمصر، ويحظى بمكانة كبيرة فى وجدان الشعب المصرى.

هذا الموقع المتفرد الذى تتمتع به مصر مكّنها من لعب دور مهم فى صياغة السياسات الإقليمية والدولية فى فترات الحرب والسلام ومنحها مكانة متفردة فى العالم بملتقاه الآسيوى والأفريقى، وجعلها من اللاعبين الكبار بمنطقة الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.

كما حفز موقع مصر المنفرد كثيراً من العملاء والمفكرين على شرحه وبيان أهميته وخصائصه وأثره وتأثيره على مصر فى الداخل والخارج. ويمثل كتاب الدكتور جمال حمدان «شخصية مصر.. دراسة فى عبقرية المكان» دليلاً قوياً فى هذا السياق. لقد استفاض المؤلف فى المجلدات الأربعة فى شرح شخصية مصر الإقليمية والبشرية والزمانية والمكانية ولخص ذلك فى قوله: «لمصر شخصيتها الإقليمية التى تضفى عليها تميزها وانفرادها عن سائر الدول فى الأقاليم المختلفة، إنها فلتة جغرافية فى أى ركن من أركان العالم». وحدد أهمية الموقع ومكانته قائلاً: «إن عبقرية مصر الإقليمية تستند إلى محطة التفاعل بين بعدين أساسيين هما: الموضع والموقع، حيث يقصد بالموضع البيئة بخصائصها وحجمها ومواردها فى ذاتها، وهى البيئة النهرية الفيضية لطبيعتها الخاصة، أمام الموقع فهى الصفة النسبية التى تحدد بالقياس إلى توزيعات الأرض والناس والإنتاج وتضبط العلاقات المكانية التى ترتبط بها.

لم يكن تأثير الموقع المتفرد الذى تتمتع به مصر مقتصرًا عليها كأرض فقط، بل امتد ذلك إلى تكوين الإنسان المصرى الذى ظل على مر العصور متمسكًا بقيم الاعتدال والانفتاح على الآخر، والتفاعل الخلاق مع سائر الأمم والثقافات من أجل تحقيق الأمن والسلام ليس لوطنه فقط بل للإنسانية جميعاً.

ومن هذا المنطلق تبوأت مصر مكانتها الإقليمية والدولية المتميزة والتى أتاحت لها القيام بدور مؤثر وفاعل لا يمكن إغفاله أو التغاضى عنه، استمدته عبر مقومات رئيسية من أهمها الامتداد الطبيعى لمصر عبر القارات، فهى تقع فى شمال شرق قارة أفريقيا، ولكنها أيضاً ذات امتداد آسيوى حيث يقع جزء من أراضيها داخل قارة آسيا، وهى شبه جزيرة سيناء. هذا الامتداد جعلها بمثابة البرزخ الذى مرت عبر أراضيها الديانات السماوية كما كانت وستظل الملتقى الرئيسى للتفاعل الثقافى والفكرى بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب. كما كانت مقراً لحضارات متواصلة بدءاً من الفرعونية، مروراً بالإغريقية والرومانية انتهاء بالحضارة القبطية والإسلامية، إضافة إلى أنها أقامت أول جسور مع الحضارة الأوروبية الحديثة.