رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

تصريح خطير قاله بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل. نتنياهو قال أمس فى مقابلة مع قناة (abc) الأمريكية إن إسرائيل ستتحمل لفترة غير محددة، المسئولية الأمنية الشاملة فى غَزة.. وعندما لا نتحمل هذه المسئولية الأمنية، فإن ما نواجهه هو اندلاع إرهاب حماس على نطاق لا يمكننا تخيله.

التصريح الذى قاله نتنياهو بكل صلافة معناه الوحيد هو نيته احتلال غَزة فى تحدٍ لكل الأعراف والمواثيق والاتفاقات الدولية المُبرمة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وهو تأكيد أن هذا الرجل يمارس البلطجة مثل قُطاع الطرق ولا يجد إرادة دولية فاعلة توقف جرائمه.

قاتل الأطفال نتنياهو يحتاج لردع أممى.. ولكن هذا الردع غائب.. وإسرائيل تستغل انشغال روسيا بالحرب فى أوكرانيا.. وأن الصين لم تنتقل إلى مرحلة النفوذ السياسى فى منطقة الشرق الأوسط.. والعرب مُشرذمون.. ونصف بلادهم إما غارقة فى الحروب الأهلية أو فى معارك حماية الحدود.. والحروب الأيدلوجية والعرقية تُشعل الشرق والغرب.. كل هذا يجعل نتنياهو يتكلم بهذه الطريقة التى يجب أن تتحول إلى دافع لنا لكى نفهم أن غًزة هى البداية، وأن بعدها ستصبح الضفة هى الهدف، وأن الخطة الجاهزة والمُعدة فى تل أبيب هى طرد الفلسطينيين من أراضيهم للأبد!

الغريب أن التحرك الدبلوماسى العربى ضعيف.. تكاد لا تجد تحركًا فاعلًا إلا من الدولتين الحدوديتين مصر والأردن.. وكأن باقى البلدان العربية لا تُدرك أن المُخطط يطول الجميع.. وأن إسرائيل وحلفاءها لن يتركونا إلا بعد التقسيم لما هو مُقسم أصلًا.. فلن يتم إيقاف هذا المشروع القديم الجديد إلا بتضامن عربى كبير وصادق وواع ومُدرك لمخاطر ما يحدث فى غَزة.

لا أعرف لماذا لا يُقرر وزراء الخارجية العرب الانتقال لمدة لا تقل عن أسبوع للإقامة فى القاهرة.. والالتقاء بكل سفراء العالم فى مقر جامعة الدول العربية.. كل سفير يلتقى بعدد من السفراء غير العرب ليقولوا لهم إن هناك دولة تمارس البلطجة والقتل وتخالف كل مواثيق الأمم المتحدة.. ولا تجد من يردعها بسبب شعورها بحماية الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.. وأن إيقاف هذه الجرائم ليس مُتاحًا بدون تحرك دولى كبير يحمى الشعب الفلسطينى من الإبادة الجماعية.

هذا اقتراح بسيط.. لا أعرف لماذا لا يجرى تنفيذه. ولماذا يتم إلقاء العبء الدبلوماسى الأكبر على مصر والأردن؟

غياب التضامن العربى منذ عشرات السنين له نتائج مؤلمة.

سوريا عانت من ويلات حرب أهلية مدمرة أدت إلى تحويلها إلى ميناء لاستقبال المرتزقة والمتطرفين ومدمرى البلدان المستقرة، وهذه الحرب التى هدأت أوزارها مازالت آثارها تمنع سوريا من العودة إلى ما كانت عليه قبل ٢٠١١.

العراق يشهد منذ سنوات صراعًا سنيا شيعيًا، تطور بعد غياب صدام حسين إلى صراع شيعي–شيعى!! بين القوى الشيعية المؤيدة لإيران، والأخرى الرافضة لها!! هذا الصراع بين المكونين الشيعيين أدى خلال فترة طويلة إلى انفلات أمنى وصدامات بين أنصار الفريقين، وهو ما جعل الاستقرار مهددًا دائمًا، وفكرة الانقسام سيطرت على البلاد لفترة طويلة، ولم يعد سهلًا عودة العراق -الذى كان- بدون قلق حول مستقبله!

اليمن الذى يبلغ عدد سكانه ٣٠ مليون نسمة عاد للانقسام إلى شمال وجنوب، بعدما تم تجميعه فى يمن موحد، ولكنه الآن يدور فى رحى حرب طاحنة بين الحكومة والحوثيين، والمعركة الدائرة بين الطرفين، تزكيها أطراف دولية وإقليمية، وراح ضحيتها أكثر من ٤٠ ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، ونزوح الآلاف فى أسوأ أزمة إنسانية فى العالم، حسب وصف الأمم المتحدة.

فى ليبيا تم تقسيم البلاد إلى نصفين بين الجيش الليبى، وبين حكومة الوفاق، وكادت ليبيا أن تتحول إلى ساحة حرب قاسية بين الجيش وبين قوات التطرف الدينى القادمة من بلدان أخرى، لولا حدوث تطورات أدت لتدخل مصر لحماية أمنها القومى، فتمكنت من منع هذا التحول وانتقاله إلى حدودها، ولكن بقى التقسيم قائمًا.

وأخيرا فى السودان.. حدثت اشتباكات السودان المزعجة خلال شهر رمضان الماضى، وتحديدا فى الخامس عشر من أبريل ٢٠٢٣ بين القوات المسلحة السودانية التى يقودها عبدالفتاح البرهان وبين قوات الدعم السريع تحت قيادة حميدتى. وهذا النزاع المسلح تسبب فى إثارة القلق من جديد حول تماسك السودان الذى شهد من قبل انفصالًا لجنوبه فى عام ٢٠١١، ليتحول السودان الذى انفصل عن مصر فى عام ١٩٥٦، إلى دولتين، والغريب أن الدولتين المقسمتين يوجد بهما صراعات ثنائية بين طرفين من المتصارعين على السلطة ويتهدد كل دولة فيهما شبح الانقسام، بما يؤجج احتمالية تقسيم الدولتين اللتين كانتا موحدتين إلى أربع دول!

ما يحدث فى غَزة-الآن- هو كاشف لمخطط الاستيلاء على أراضٍ عربية جديدة.. وأضعف الإيمان تقسيم الدول العربية من جديد فتصبح خمسين دولة بدلًا من خمسة وعشرين..فلماذا لا تجتمعون؟!