رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نور

تظاهر أمس الأول عشرات الآلاف من الأشخاص من نحو ٧٠٠ منظمة بيئية قبل افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، رافعين لافتات كتب عليها «بايدن.. أوقف الوقود الأحفوري» و«الوقود الأحفورى يقتلنا» و«أنا لم أصوت للحرائق والفيضانات».
المظاهرات الحاشدة تكشف حجم المأساة التى يعيشها العالم بسبب غضب الطبيعة الناتج عن التغير المناخى.
خبراء البيئة قالوا إن الفيضان الجامح الذى اجتاح درنة فى ليبيا منذ أيام هو نتاج للتغير المناخى وإن مناطق أخرى مُعرضة لمواجهة نفس الجائحة. يقول بعض العلماء إن العاصفة غير المسبوقة فى البحر المتوسط التى ضربت ليبيا وأسقطت عليها أمطارًا غزيرة تحولت إلى فيضانات قتلت الآلاف، تحمل سمات التغير المناخى. وذكرت مجلة «TIME» الأمريكة أن العاصفة «دانيال» استمدت طاقة هائلة من مياه المتوسط الدافئة.
وبحسب العلماء، فإن الجو الأكثر دفئًا يحمل بخار الماء الذى يسقط على شكل مطر.
الأمم المتحدة نفسها قامت بتعريف تغير المُناخ بأنه ناتج عن الأنشطة البشرية. وقالت فى تعريفها الرسمى له: «يمكن أن يكون تغير المناخ عملية طبيعية حيث تختلف درجات الحرارة وهطول الأمطار والرياح وعوامل أخرى على مدى عقود أو أكثر. فى ملايين السنين، كان عالمنا أكثر دفئًا وبرودةً مما هو عليه الآن. لكننا نشهد اليوم ارتفاعًا سريعًا غير مسبوق فى درجات الحرارة بسبب الأنشطة البشرية، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفورى الذى يولد انبعاثات الغازات الدفيئة».
إيه المشكلة؟ وماهو الوقود الأحفوري؟
الوقود الأحفورى هو وقود يُستعمل لإنتاج الطاقة. ويستخرج من المواد الأحفورية مثل الفحم الحجرى، والغاز الطبيعى، والنفط، ومصادر الوقود التى يتم إنتاجها من بقايا الأحياء والنباتية والحيوانية القديمة.
تمتلك الولايات المتحدة وروسيا والصين أكبر رواسب الفحم فى العالم، وتأتى بعدها أستراليا والهند وجنوب إفريقيا.
وهذه الميزة جعلت هذه الدول«صناعية كبرى» ولكنها جعلت العالم يعانى من التلوث والتغير المناخى الذى أدى لتغير الطبيعة وإفسادها ثم غضبها، وهذا سر هتاف المتظاهرين ضد بايدن، والولايات المتحدة أكبر مستفيد من استخدام هذه الأنواع من الوقود، وعدم التزامها بالاتجاه نحو الطاقة النظيفة.
منظمة الأمم المتحدة أصدرت دراسة مهمة حول التأثير السلبى للوقود الأحفورى وتدميره للطبيعة، وضرورة الاتجاه نحو الطاقة النظيفة، ولكن رغم هذه التحذيرات الأممية من استعمال الطاقة المُضرة بالبيئة إلا أن الدول الصناعية الكبرى ترفض ترشيد الاستعمال السيئ لمصادر الوقود، وتواصل تدمير البيئة من أجل مصالحها الاقتصادية.
تقرير الأمم المتحدة يقول إن الوقود الأحفورى، مثل الفحم والنفط والغاز، هو إلى حد بعيد أكبر مساهم فى تغير المناخ العالمى، إذ يمثل أكثر من ٧٥ فى المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وحوالى ٩٠ فى المائة من جميع انبعاثات ثانى أكسيد الكربون. (تُسمى الغازات الدفيئة بهذا الاسم لأنها تساهم فى تدفئة جو الأرض السطحي).
يواصل التقرير تحذيراته قائلًا: العلم واضح: لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام ٢٠٣٠ والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام ٢٠٥٠.
ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى التخلص من اعتمادنا على الوقود الأحفورى والاستثمار فى مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفى المتناول ومستدامة وموثوقة.
تتجدد مصادر الطاقة المتجددة (المتوفرة بكثرة فى كل مكان حولنا من خلال الشمس والرياح والمياه والنفايات وحرارة الأرض) بفضل الطبيعة وتنبعث منها غازات أو ملوثات قليلة إن لم تكن منعدمة.. لكن لا يزال الوقود الأحفورى يمثل أكثر من ٨٠ فى المائة من إنتاج الطاقة العالمى، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة. حوالى ٢٩ بالمائة من الكهرباء تأتى حاليًا من مصادر متجددة.
ويكشف التقرير عن بعض المشكلات.. على سبيل المثال: 
١- يعيش حوالى ٨٠ فى المائة من سكان العالم فى بلدان تستورد الوقود الأحفورى، أى حوالى ٦ مليارات نسمة يعتمدون على الوقود الأحفورى القادم من بلدان أخرى، مما يجعلهم عرضة للصدمات والأزمات الجيوسياسية.
٢-إن انبعاثات الغازات الدفيئة المتزايدة نتيجة للنشاط البشرى تعمل بمثابة غطاء ملفوف حول الأرض، يحبس حرارة الشمس ويرفع درجات الحرارة.
٣-تشمل أمثلة انبعاثات الغازات الدفيئة التى تسبب تغير المناخ ثانى أكسيد الكربون والميثان. وتأتى هذه الغازات من حرق الوقود الأحفورى مثل البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المبانى. يمكن أن يؤدى تفريغ الأراضى والغابات أيضًا إلى إطلاق ثانى أكسيد الكربون. كما أن مدافن القمامة تعدّ مصدرًا آخر، بالإضافة إلى الطاقة والصناعة والزراعة والتخلص من النفايات، وهى من المصادر الرئيسية للانبعاثات.
٤-وصلت تركيزات الغازات الدفيئة إلى أعلى مستوياتها منذ مليونى سنة وهى مستمرةٌ فى الارتفاع. ونتيجةً لذلك، ارتفعت درجة حرارة الأرض بنحو ١.١ درجة مئوية عما كانت عليه فى القرن التاسع عشر. وكان العقد الماضى هو الأكثر دفئًا على الإطلاق.
٥- يعتقد الكثير من الناس أن تغير المناخ يعنى أساسًا ارتفاع درجات الحرارة. لكن ارتفاع درجة الحرارة ليس سوى بداية القصة. نظرًا لأن كوكب الأرض عبارة عن نظام متكامل، حيث إن كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض، فإن التغييرات فى منطقة واحدة يمكن أن تؤثر على التغييرات فى جميع المناطق الأخرى. تشمل عواقب تغير المناخ الآن، من بين أمور أخرى، الجفاف الشديد، وندرة المياه، والحرائق الكبيرة، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبى، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجى.
الموضوع خطير، وما حدث فى ليبيا يمكن أن يتكرر إذا لم ينتبه العالم إلى أنه يصنع دماره بيده!