عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

هذا كلام ليس لدغدغة المشاعر، أو الضحك على الذقون، بالعكس هو حديث فيه من التحذير أكثر من التبشير.. ولكن.  باختصار ولمن فى قلبه ضعف نطمئنه فنقول إن قناة السويس أكبر من أن يهددها أى محاولات للمنافسة من قبل أى مشروع من هنا أو هناك. مناسبة هذا الطرح المخاوف التى أثارتها فكرة مشروع الممر الاقتصادى بين الهند والخليج وأوروبا والذى أعلن عنه ولى العهد السعودى محمد بن سلمان خلال قمة العشرين.

بالطبع المشروع المزمع ليس الوحيد وإنما هناك مشاريع أخرى فى الأفق بل وفى الخيال، يحلم البعض بتنفيذها ليل نهار، لدرجة أننا لم نعد قادرين على اللحاق بمتابعة هذه المشاريع من «فين لفين».. فقد تعددت الوجهات والهدف واحد .. إيجاد بديل لقناة السويس، فمن روسيا إلى إسرائيل إلى دول الخليج.. وصولًا إلى الولايات المتحدة بالدعم أو التخطيط، الكل يسعى والكل يعود بـ«خفى حنين» وسيعود بهما إن شاء الله طالما بقيت مصر متنبهة لهذا الأمر وتعمل على تجاوزه.

وإذا كنت لست خبيرًا فنيًا، وإذا كنت أرغب أن أنأى بنفسى عن الجدل البيزنطى بشأن مشروع توسعة قناة السويس، فإن هذا المشروع بعد سنوات من تنفيذه ربما مثل إشارة إلى العالم بأن مصر مصممة على أن تبذل كل ما تملك من أجل أن تظل القناة على قائمة الممرات الرئيسية للتجارة العالمية. وفى تصورى– وأقول تصورى لأننى لا أملك من الحقائق ما يدعم هذا التصور – إن مشروع القطار السريع من العين السخنة إلى العلمين يأتى فى هذا السياق أكثر من كونه مشروعًا لاستيعاب حركة ركاب. وإذا علمت أن المشروعات البديلة تتضمن بشكل أساسى مثل هذه الفكرة – السكك الحديدية –  أمكن لك أن تستوعب هذا الطرح. 

أسمع صوتًا وكلامًا وهمسًا عن أن ذلك يأتى فى إطار الأولويات المقلوبة للدولة، بتغليب المشروعات طويلة الأمد على تلك القصيرة. وأقول وارد طبعا أن نختلف حول الأولويات ووارد أن تكون بعض أولوياتنا الحالية غير موفقة، ولكن هناك أولويات أتصور أنها يجب أن تترك لصانع القرار فى إطار الرؤية الإستراتيجية للدولة وليس النظام، وهناك فرق كبير بين الاثنين لمن يتحدثون بلغة المؤيدين والمعارضين.

وحتى لا نبتعد فى الحديث كثيرًا، فإن مؤدى ما أقول وخلاصته أن مصر الرسمية منتبهة للمخاطر المحدقة بقناة السويس، ومنتبهة أكثر لحقيقة أنها ربما تأتى من الأصدقاء قبل الخصوم. غير أن الموضوعية فى الحديث ربما تقتضى الإشارة إلى بعدين مهملين، ولا نقول غائبين فى الرؤية الحالية بشأن التحديات المستقبلية لوضع القناة وأهميتها للاقتصاد المصرى وكذا أهميتها الجيو- سياسية للدولة المصرية ذاتها. البعد الأول يتمثل فى تطوير وضع الاقتصاد المصرى بشكل يقلل من نسبة مساهمة عائدات قناة السويس – أيا كانت قيمتها الآن وتصل فى بعض التقديرات الى 7 مليارات دولار –  فى هذا الاقتصاد، وهذا يتطلب معالجة مشكلات هيكلية ليس هنا مجال التفصيل أو الحديث بشأنها.

البعد الثانى يتمثل فى إحياء فكرة تنمية إقليم منطقة القناة لتقديم خدمات لوجيستية متنوعة تتجاوز تلك المتعلقة بكون القناة ممرًا مائيًا عالميًا فقط. ولا أبالغ إذا قلت أو أعربت عن اعتقادى إن المخطط موجود والإمكانية قائمة.  غير أن  الإنصاف والصراحة مع الذات تقتضى الإقرار بأن هذا البعد تتجاذبه أو تتقاذفه الأحوال، لكن النتيجة النهائية المتعلقة بوضعه تشير إلى أنه فى طور النسيان أو فى حالة كمون.. بهذا يمكن لنا أن نقول بملء فينا وبأعلى صوت عندنا: إنها قناة السويس.. يا عالم!

[email protected]