رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رسالة حب

عاشت أفريقيا تحت الاستعمار الفرنسى منذ عام 1800 وحتى 1960 تعرضت فيها دول القارة إلى تدمير شامل فى كل شيء.. 160 عامًا مارست فيها فرنسا سياسات طمس الهوية والاستيلاء على الأوطان واستعباد الشعوب ونهب الثروات.

وقعت أفريقيا فريسة للغزو الفرنسى وتمكنت دولة مثل فرنسا من أن تسرق قارة بأكملها.. والغريب أن هذه السرقة كانت تجرى نهارًا جهارًا بلا أى رتوش. والأغرب أن عملية السطو والسرقة هذه لم تتوقف عند العام 1960 وهو التاريخ الذى تحررت فيه القارة ظاهريًا، بل استمر الإجرام الفرنسى فى حق الدول والشعوب إلى يومنا هذا من خلال وكلاء وعملاء وضعتهم على رأس السلطة ليبقى الحال كما هو عليه، والمتغير الوحيد الذى حدث هو زيادة أعمال النهب والسرقة بعد دخول الجالسين على رأس السلطة ليكونوا طرفا فى اقتسام الغنائم.

تحولت القارة إلى مضخة للأموال التى تنعش الخزانة الفرنسية، وجرت عمليات السرقة المنظمة لخيرات البلاد من مشتقات النفط والمعادن والثروات الطبيعية دون وازع من ضمير سواء من جانب القائمين على حكم فرنسا أو وكلائهم الجالسين على رأس السلطة.

تاريخ فرنسا فى أفريقيا هو تاريخ أسود، فقد مارست دور «البلطجى» أو «الفتوة» وارتكبت أبشع جرائم القمع لوأد أى محاولة للتحرر.. فقد دمرت غينيا انتقاما من الرئيس أحمد سيكوتورى الذى أعلن استقلال بلاده عن فرنسا عام 1958، دمر جنود الاحتلال الفرنسى كل شيء وحولوا البلاد إلى أطلال حتى تكون عبرة لكل من يحاول اللحاق بها على طريق الاستقلال والحرية.

دمر الفرنسيون المدارس والمستشفيات وأحرقوا الكتب والمكتبات والمحاصيل فى الحقول والسلع التموينية فى المخازن.. ودفع الرئيس سيكوتورى ثمن مقولته الشهيرة «نفضل الحرية فى الفقر على الثراء فى العبودية».

ليس هذا فحسب، بل وصل الأمر إلى قيام رقيب فى الجيش الفرنسى بقتل سيلفانوس أوليمبيو أول رئيس منتخب فى التوجو بعد ثلاثة أيام من إعلانه سك عملة خاصة ببلاده بدلا من العملة الاستعمارية الفرنسية.. هكذا فعلت فرنسا التى ترفع شعار الإخاء والحرية والمساواة بالقارة السمراء المغلوبة على أمرها حينا من الدهر.

لفت انتباهى المصطلح الذى تحدثت عنه صحيفة «الشرق الأوسط» فى تقرير لها حول الإطاحة بالنظام الحاكم فى الجابون.. قالت الصحيفة إن الرئيس الجابونى عمر بونجو كان بمثابة العمود الفقرى لما يسمى بـ«أفريقيا الفرنسية»، وفى اعتقادى أن هذا الوصف يوضح مدى الضربة القاصمة التى تلقتها فرنسا على يد العسكريين فى الجابون الذين أنهوا 55 عامًا من حكم عائلة بونغو الفاسدة.

وإذا ما وضعنا ما حدث فى الجابون جنبا إلى جنب لما حدث فى النيجر ومالى وبوركينا فاسو سنجد أننا أمام انتفاضة أفريقية لإسقاط «أفريقيا الفرنسية» واستبدالها بـ«أفريقيا الحرة» أفريقيا جديدة ترفع شعار يسقط الاستعمار وأذنابه.. إنها مرحلة جديدة تنهى حقبة بغيضة من الذل والهوان.. مرحلة تكتب نهاية لقيام دولة بسرقة قارة لأكثر من قرنين من الزمان.