رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

فرضت الحياة على الكثيرين ألا يتميزوا، وأقنعتهم بأن يأخذوا منها أنصاف كل شىء حتى يحيوا حياة طيبة، وألا يغالوا فى هذا ويأخذوا بأحسنه؛ حتى لا يحرموا غيره الذى يجب أن يكون لهم كفلًا منه، ولم يقتصر الأمر على هذا وذاك وتلك، ولكن نواحى الحياة بأكملها لابد أن يكون لهم باع فى كل تفصيلة من تفاصيلها، ويطبقوا قاعدة ما لا يدرك كله لا يترك كله، ظنا منهم ان الإنسان يجب أن يكون شاملا ومتميزا فى جميع تفاصيل الحياة، على طريقة إن فلانًا فنان شامل، وإذا بحثت عن هذه الشمولية فستجدها فى الأمور التى يحب الجمهور أن يتلقاها منه، أو يحب الوجه الذى يراه دائما، ولا يرضى منه وجها آخر به مرض أو تعب أو انهزاميه أمام غول الزمن، الذى من الممكن ألا يدعه يكمل نصف دينه ويتزوج، أو يسعى ليستخلف ابنه على كفالته فى الكبر أو حفظ تاريخه الفنى من السرقة والتهميش.

لى تجربه فاشلة فى هذا الأمر، حكمت فيه عقلى وتحايلت على عواطفى، لإقناعها بأن تكون الحب  الثانى فى حياتى بعد العمل فخسرت الاثنين معا، وأصبحت أتمسك بقبضتى الخائبة على العصا من منتصفها، فلم أستطع الضرب بها أو حتى الرقص بها، وظللت طوال الأمر أقبض على منتصف العمل الذى يغنى أسرتى ويحقق لهم الحد الأدنى من المعيشة الطيبة، والشعر والأدب والتميز فى مجالى الصحفى الذى يجعلنى أقف مع النخبة كتفا بكتف، واتضح لى أن هذا هراء، وأن كتفى لن تتساوى يوما من الأيام مع زملاء الدرب، الذين صقلوا مواهبهم وأعطوها حقها ونبغوا وتصدروا المشهد، فى الوقت الذى ألملم فيه تجاربى القديمة لخلطها بقشور الحداثة، لأذكر الجميع أننى مازلت بينهم فى المشهد، ولكن شتان بين من يظهر فى أحد المشاهد ليصلح سماعة الرئيس أثناء حديثه، وبين الرئيس نفسه، فالفنى الذى لم يجتهد فى عمله قبل كلمة الرئيس ظهر معه فى نفس الصورة ليجتهد فى إصلاح ما غفل عنه بعد فوات الأوان.

أحب الشعر والأدب، وأحب الصحافة، وأحب العمل العام، وأسعى لأن أمثل أهل دائرتى تحت القبة، وأجتهد فى عبادتى حتى لا أخسر كل شىء، وأحافظ على عملى الثانى، والثالث، الذى يضمن لأسرتى حياة كريمة.

كثيرا ما أطبطب على نفسى بعد قسوتى فى جلدها لإقناعها بمبررات واهية، بأن المناخ غير ملائم لكتابة أشعار عامية بقوة الماضى، وأحيانا ما أتعلل بأننى تركت موهبتى فى الثلاجة، وعندما أعود من صولاتى وجولاتى سأجدها كما هى، ولكن شتان بين من يملك قصائد طازجة سهلة الهضم وسريعة الامتصاص، وبين قصائد تحتاج للكثير من البهارات والمقبلات ليقبل عليها القارئ بلا شهية.

منذ أيام قليلة مضت حضرت مع زملائى القدامى تكريم زميلى الشاعر محمود فتحى شفاه الله وعافاه، وألقيت رباعية من رباعياتى المصريه ذرًا للعيون قلت فيها:

بطلت الشعر لأنى بصراحة مش شاعر

إنى هاكون بيرم ولا نجم ولا طارق الشاعر

وإن المشاعر بقت باهتة وأحاسيسها بقت بايتة

وكله بقى عارف معناها ومغزاها جوه بطن الشاعر