رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

يعد مثالًا صريحًا للوحدة العربية، فقد حصل على أربع جنسيات عربية وحاز على أربعة جوازات سفر بأسماء تلك الدول، فلم يكن مجرد مطرب جاء من دولة عربية شقيقة ليصنع شهرته ونجوميته فى مصر، ولكنه عشق ترابها، وتنفس هواءها، فجرى حبها فى عروقه؛ ولذلك جاءت عبارته الشهيرة «لحم أكتافى من خيرك يا مصر» ووصيته الوحيدة أن يدفن فى ترابها بجانب جثمان شقيقته أسمهان.

حصل فريد الأطرش على الجنسية المصرية بعد لجوئه مع عائلته لمصر عام 1923، وتلقى بها دراسته، وفى البداية كانت إقامته تجدد كأى أجنبى، وصدر القرار بتمتعه بالجنسية المصرية عام 1950، وقد فرح يوم حصوله عليها فرحتين؛ الأولى بحصوله عليها، والثانية بحصول صديق عمره الفنان عبد السلام النابلسى عليها أيضا فى نفس اليوم.

وكان يعامل معاملة خاصة، ففى الستينيات عندما كان السفر إلى الخارج يتطلب استخراج تصريح إدارى تدخل الرئيس جمال عبد الناصر لإعفاء «الأطرش» من استخراج التصريح رغم أن الإجراء بقى ساريا فى مواجهة فنانين مصريين أكثر إشعاعا منه، وكذلك فتح سعد باشا زغلول أبواب مصر لاستقبال عائلة الأطرش منذ أن بدأت ثورة الدروز ضد الاستعمار الفرنسى، وكانوا مطاردين، ومن بعدها سكن مع شقيقته أسمهان قلوب المصريين.

وقبل أكثر من نصف قرن وقع التليفزيون المصرى - الوليد آنذاك- إذ لم يكن قد أكمل بعد عامه العاشر، فى مأزق وصار عليه الاختيار بين القمتين؟، هل ينقل حفل الربيع على الهواء الذى يحييه عبدالحليم؟، أم ينقل حفل فريد الأطرش؟، ولم تكن الإمكانيات المتاحة تسمح بنقل أكثر من حفل واحد فقط، والقرار ليس بيد وزير ولا حتى رئيس وزراء، وانتظر الجميع الرئيس.

ورغم أن الواقع يؤكد أن كفة «عبد الحليم» هى الأرحج، فلم يغن أحد لعبدالناصر والثورة مثله، إلا أن «عبدالناصر» الذى لم يكن فقط عاشقا لصوت فريد ولكنه أيضا كان مقدرا لدور مصر العربى، وكل عربى له فى مصر نفس الحقوق، قرر نقل حفل فريد على الهواء، بينما يسجل حفل عبدالحليم ليعرض فى اليوم التالى.

وقد اختزل «الأطرش» كل أشجانه تجاه مصر فى أغنيتين خالدتين «يا مصر كنت فى غربة وحيد» عندما حبسته ظروف الحرب العالمية الثانية فى لندن، ثم أغنية «سنة وسنتين» عندما عاد وغنى لمصر بعد غياب اضطرارى لسنوات فى لبنان، وتظل هذه الأغنية أقوى أغانيه التى كتبها صديقه الشاعر مأمون الشناوى، وتقول كلماتها:

سنة وسنتين سنة وسنتين وانت يا قلبى تقول أنا فين

وتهت ودبت فى أشواقى وشفت النيل وعرفت أنا فين

فى مصر يا عمرى يا نور العين، ع الشطين أنا شفت احبابى واخواتى واهلى واصحابى وهواكى والنخل العالى ونجومها ف الليل بتللالى، بكيت م الفرح وطاب الجرح غنى يا قلبى اتهنى يا عين، فى مصر يا عمرى يا نور العين.

وموقف وطنى آخر للأطرش، حين قامت ثورة يوليه 52 وفتح باب التبرعات لتسليح الجيش ذهب لمقابلة «عبد الناصر» وأعطاه شيكا بعشرة آلاف جنيه وكان مبلغا كبيرا فى حينها مساهمة منه فى هذا التسليح، وقدم لمصر فى مناسباتها الوطنية العديد من الألحان والأغنيات، كما غنى للسد العالى أغنية جميلة جدا «يا أسطى سيّد»، وغنى لبورسعيد أغنية من ألحان مدحت عاصم كلمات أحمد خميس.

وفى رائعته «بساط الريح»  للشاعر بيرم التونسى يتجلى حب «الأطرش» الجارف لمصر، فبعد أن عبر فيها بصدق عن عشقه لتراب الوطن العربى، أكد فيها عشقه الأكبر لتراب مصر، فبعد رحلة البساط الطويلة فى  جميع الدول العربية يأمره بالعودة إلى معشوقته ومحبوبته مصر. 

بساط الريح قوام يا جميل أنا مشتاق لوادى النيل

أنا لفيت كتير ولقيت البعد عليّ يا مصر طويل.

حفظ الله مصر وأهلها.

[email protected]