رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضفضة | العتاب القاتل

الكاتب الصحفي طارق
الكاتب الصحفي طارق يوسف

تلقيت رسالة على بريدى من رجل يقترب عمره من الستين عاما ، يقول فيها مازلت مصرًا على العيش في بيت العائله، ورفضت اكثر من فرصه للانتقال الى حياة الشقق والعمارات، والبوابين، والدليفرى والابواب المغلقة، وحياة الصمت بين ساكنى العمارات، وكنت دائما أصف هؤلاء بأنهم خرجوا من جلودهم، ولا يستطيعون الانسجام مرة أخرى مع حياة القرى وبيوت العائلات ، وكنت انظر الى من غادروا قراهم ثم عادوا على انهم ليس لهم وجه يقابلون الاقارب والأصدقاء لانهم انعزلوا فى علب اسمنتية لا يجدوا منفذا إلا النوافذ الضيقة والبلكونات التى تكشف ستر الاسره وغلقها بالضبة والمفتاح هو أسلم الحلول.

مرت السنوات يا سيدى وانا مازلت على عهدى اقابل الاهل والأصدقاء والاقارب فى بهو منزلى ، واحرص على توفير واجب سريع للضيوف يتمثل في ابريق من الشاى دائما ممتلىء ، واتواصل مع القريب والغريب لحل ما يطرأ عليهم من مشاكل، وخلال رحلتى الطويلة بين الاهل والاقارب والأصدقاء، كانت تمر على لحظات انشغال و كنت انسى بعض الواجبات مع اسرتى ، والتقصير مع بعض الاقارب كان بدون قصد ، واقسوا واداعب ، واعطى وابخل ، واتحدث بعفويه فى الكثير من المواقف ، شأنى كشأن البشر جميعا ، وكانت لمة الاسرة ووجود الوالدين بين اظهرنا ، بمثابة الدرع الواقي والحصن الحصين.

 ولكن بعد ان انفض سامرنا على طريقة اغنية فايزه احمد ، بدت لى الدنيا بصوره اخرى غير التى كنت اعلمها ، وبعد ان قلت حركتى ووهن عظمى ، واشتعل الراس شيبا ، تنكر الجميع لى وبدأت اتلقى عتابأ قاسيا من اقرب الناس لى ، اننى كنت يوم كذا سنة كذا فى مكان كذا ولم ارد السلام على احد المعارف كما ينبغى ، وعلى طريقة الذئب والحمل والتى انتهت بمقولة الذئب المعروفه للحمل (سأقتلك سأقتلك) .

بدأ البعض يحيك بى الحيل وينصب لى الفخاخ ، ويستدعى الذكريات القديمه ولايشير رجلا رشيدا لاى موقف حسن تواجدت به ، او اى خصلة خير قمت بها حاصرنى الجميع الا ما رحم ربي ، اصبح ظهرى للحائط وكلما طلبت السماح لضعف ذاكرتى يضيفون على الخناق ويزداد العتاب حتى خرجت عن شعورى وقاطعت الجميع وطردت كل من ياتى الى بيتى لينال منى ، ويعبث بكرامتى ، ويجرح كبريائى واصبحت ياسيدى لا اطيق العيش وسط هذا البيت الفسيح ، واروقته الممتده واغصانه الزابله ، والٱن اجتر الهموم ، وازرف العبرات ، واصبحت اسيرا بين من يتهموننى بقطيعة الرحم ، وبين ثأرى لكرامتى واحساسي الدائم بالرحيل ،والبحث عن العلب الخرسانيه والنوافذ الضيقه لأدفن فيها احزانى ، واضمد جراحى ، بعد ان تركت وصيه لاحد الصالحين بعدم دفنى فى مقابر الاسره وعدم اقامة العزاء بعد وفاتى. 

 اقول لصاحب الرساله والذى اقترب من سن المعاش ، إن لك ان تستريح من عناء الحياة ، كأى شخص يسلم اوراق عمله، ويحصل على مكافاة نهاية الخدمة ، ولكن الفرق بينك وبين من ترك القريه منذ نعومة اظافره ، أن الاول خرج والفراغ يقتله ، ووجوده بين اهالى قريته هو والعدم سواء ، اذا كان بعيدا عن امالهم والامهم ، فلا يعرفه احد من الاجيال الصاعده ، وعلاقاته بمن هم فى نفس سنه علاقه يملأها الفتور ، اما انت فماصيك رغم قسوة احد مراحله الا ان هناك ماتعتبره زادأ تتزود به ، وخبره تنقلها لابناءك واحفادك ، واذكرك بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذى يقول "المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم». 

وانصحك الا تهرب من المواجهه ولاتترك ساحة الحرب لمن تنكروا لك ، وأخرج من حياتك كل من حاول هزيمتك ، والتشكيك فى شهامتك وكرمك ، ومزق وصيتك واترك لاهل قريتك ولمن يعرفون تاريخك ان يحتضنوا جسدك بعد موتك، ويضعوا لك سيناريو التكريم الدنيوى الذى تستحفه، واعلم ان من يعدون عليك انفاسك ، ويتعمدون احراجك ، سيندمون اشد الندم ، عندما يراجعون مواقفك الإجمالية معهم بخيرها وشرها ، ويعلمون ان الخير فيها يتفوق على الشر