رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

فى مثل هذا اليوم 11 فبراير تنحى «مبارك» عن السلطة بعد 18 يوما من اندلاع ثورة 25 يناير 2011، بعد 30 عاما قضاها فى السلطة التى تولاها عقب اغتيال الرئيس السادات فى حادث المنصة الشهير، ولعل مناسبة تنحى مبارك تناسب أيضا ميلاد الملك فاروق فى قصر عابدين، إذ استقبل الملك فؤاد، ملك مصر والسودان خبر مولد ولى عهده الأمير فاروق الأول، الذى انتهى حكم الأسرة العلوية فى عهده، وكذلك الملكية، وبدأت الجمهورية بعد قيام الضباط الأحرار بثورة 23 يوليو 1952. استمر حكم فاروق 16 عاما، وأطاح به تنظيم الضباط الأحرار، وأجبر على التنازل على العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد الذى كان عمره حينها 6 أشهر ومغادرته مصر، وعاش فى منفاه بروما.

كانت فكرة تنحى مبارك وبعده اليومين الأخيرين من حكمه 10، 11 فبراير 2011 بعد الاحتجاجات التى شهدتها القاهرة وعدد من المدن المصرية تطالبه بالتنحى عندما ثار الشعب يوم 25 يناير لتأسيس دولة يسود فيها القانون، وتنفذ فيها العدالة، تحارب الفساد والوساطة، يتعامل فيها المواطن بكرامة، وبلا تمييز، دولة حريصة على تقديم الخدمات للمواطنين بمستوى لائق. وتمت صياغة بيان التنحى الذى قرأه عمر سليمان على مبارك تليفونيا، ولم يطلب مبارك سوى تعديل كلمة واحدة بدلا من التنحى لتصبح التخلى عن الحكم، وكلف مبارك المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد.

انقضت فترة مبارك الذى تولى الحكم يوم 14 أكتوبر عام 1981 وكان عمره حوالى 53 عاما، وأعيد انتخابه فى استفتاءات شعبية صورية كمرشح وحيد أعوام 87، 93، 99. وفى عام 2005 قدم مبارك تعديلات دستورية جعلت انتخاب الرئيس بالاقتراع السرى المباشر وفتح باب الترشح لقيادات الأحزاب السياسية المعارضة و أعيد انتخابه بفعل المادة 76 من الدستور المقيدة، والتى كانت تتكون من حوالى 600 كلمة!

توفى مبارك فى نفس هذا الشهر بعد تركه السلطة وبعد مرض عضال عن عمر ناهز 92 عاما، يوم 25 فبراير 2020، وحقق خلال فترة حكمه بعض الانجازات التى لا يمكن اغفالها، كما ترك ارثا مليئا بالتدهور فى معظم المجالات والبنية التحتية للبلاد، وهو ما تسبب فيما وصلت إليه البلاد قبل سنوات من رحلة إعادة بناء الدولة وريادتها وتطوير بنيتها التى تقوم بها الدولة حاليا تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أنقذ مصر من السقوط بعد سطو جماعة الإخوان الإرهابية على الحكم الذى كانوا يسعون إليه بكافة الطرق القانونية وغير القانونية عندما كشفوا عن وجههم القبيح وركوبهم ثورة 25 يناير محاولين إقامة دولتهم التى تتسع للعشيرة والقبيلة فقط تمهيدا لتحويل مصر إلى امارة يحكمها مرشد، ولكن وقف لهم المصريون فى ثورة 30 يونيو من خلال مظاهرات عارمة قوامها حوالى 33 مليون مواطن نزلوا فى كافة الميادين يطالبون بإسقاط حكم المرشد، وانحازت القوات المسلحة المصرية إلى طلب المصريين، وتم انهاء حكم الإخوان، وعادت مصر إلى المصريين، وفشلت محاولات الجماعة الإرهابية فى تنفيذ مخططها فى التنازل عن تراب الوطن من خلال عملية شاركتها فيها أجهزة استخبارات عالمية.

خلال حكم مبارك الذى استمر حوالى ثلاثة عقود، بلغ الفساد الركب كما جاء على لسان أحد أركان نظامه، الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان الرئاسة، وظهر ترتيب مصر متأخرا على مؤشر الفساد الذى تصدر منظمة الشفافية الدولية، واحتلت مصر المركز الأخير فى مؤشر كفاءة سوق العمل، نسبة كبيرة من الأسر لا تجد الطعام الكافى للحركة والنشاط، ارتفعت نسبة حوادث الطرق والسكة الحديد، وبلغ عدد الضحايا أكثر مما فقدته مصر فى الحروب بسبب سوء الطرق والقطارات، نصف أطفال مصر مصابون بالانيميا وقصر القامة ارتفعت الإصابة بمرض السكر وفيروس سى ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان بسبب الأغذية الفاسدة، ارتفاع نسبة البطالة، انتشار العشوائيات، وإقامة الكثير من الأسر فى المقابر، والمساكن الآيلة للسقوط، انتشار المخدرات بين الشباب، انحازت حكومات نظام مبارك للأغنياء وتجاهلت الفقراء.

لكن كان لـ مبارك إيجابيات لا يمكن انكارها حيث اكتملت فى عهده استعادة الأراضى المصرية التى كانت تحتلها اسرائيل التى انسحبت من كامل سيناء فى ابريل عام 1982، وتم حل الخلاف الحدودى حول طابا بالتحكيم الدولى، وانسحاب اسرائيل منها عام 1989، حافظت مصر فى عهد مبارك على سياستها الخارجية، وعادت العلاقات المصرية إلى طبيعتها مع الدول العربية بعد انقطاع دام سنوات فى اعقاب توقيع مبادرة السادات للسلام مع اسرائيل، وعادت مصر إلى عضوية الجامعة العربية وعاد مقرها إلى القاهرة بعد نقلها مؤقتا إلى تونس، وانضمت مصر فى عهده إلى مجلس التعاون العربى الذى تشكل عام 1989 بعضوية العراق ومصر والأردن واليمن، وانفرط عقده عندما غزت العراق الكويت عام 1990.

رحل مبارك، وبقيت السطور شاهدة على رجل تولى حكم مصر طيلة ثلاثة عقود، وعايشه جيل أمضى سنوات شبابه الأولى لا يرى سواه، وكانت هناك خطة لتوريث الحكم بدأ الإعداد لها قبل انتخابات مجلس الشعب عام 2010، وجاءت نتيجة الانتخابات المزورة أشبه بالفضيحة عندما حصل مرشحو الحزب الوطنى على كل المقاعد البرلمانية، وكذلك سيطرة الحزب الذى كان يرأسه مبارك على مقاليد كل شيء من خلال رجاله الذين قسموا إدارته بين حرس قديم وحرس جديد كل منهما يحاول الصعود على أكتاف البلد، ولكنه كان صعودا إلى الهاوية، عندما ثار الشعب يوم 25 يناير يطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية!!