رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

لم يلجأ ملوك مصر القدامى إلى الحكم المطلق، فنظرية الحق الإلهى للملك كانت مقيدة تقييدًا كبيرًا بالنسبة لملوك مصر القديمة. تؤكد الوثائق والوصايا والنقوش القديمة، أن قوة تحقيق العدالة والحق كانت أقوى من سلطان الملك نفسه، ولم يكن ملوك مصر يعيشون على نمط الحكام المستبدين فى البلاد الأخرى فيعملون ما تشاءه أهواؤهم، غير خاضعين للرقابة، فقد رسمت القوانين حدود تصرفاتهم فى حياتهم الخاصة والعامة.. كانت ساعات الليل والنهار أمام الملوك القدماء مرتبة بحيث يعمل الملك فى الوقت المحدد الذى يفرضه القانون عليه، ويلتزم جادة العمل إزاء رعاياه، ومن ثم كان ولاء المصريين يتزايد للمك وسلالته.

وكانت الدولة تقوم على أسس العدالة والنظام، وجعلت سبب الوجود فى الدنيا والخلود والمجد فى الآخرة، فجعل المصريون القدماء للعدالة والنظام إلهة سميت (ماعت).. فهى إلهة العدالة والنظام والصدق والمثالية عند المصريين القدماء وأساس قوة الحضارة المصرية، وهى صفة الحكم الصالح والإدارة الصالحة وكان لابد من تثبيتها عندما يتولى عرش مصر أى «ملك إله» الحكم.

لقد كان النظام المصرى القديم إلهيا مقدسًا، إلا أنه كان مقيدًا بتحقيق العدالة والنظام المصرى، وذلك بالالتزام بالقوانين والأعراف التى توارثها المصريون جيلاً بعد جيل.

لقد كانت «ماعت» الغاية والمطلب النهائى للملك والشعب، إنها بمثابة الدستور أو العقد الاجتماعى بين ملك مصر وشعبها وهى البوابة الرئيسية للخلود والنعيم فى الحياة الآخرة لذا كان لابد من اختراع نظام سياسى لإدارة الدولة يضمن فيه تطبيق العدل والنظام والصدق.

لقد عرفت السياسة فى مصر القديمة صورًا من التقسيم الإدارى وتعدد السلطات وصورة أولية لما نسميه اليوم نظام الفصل بين السلطات، فالسلطة الحكومية فى مصر كانت تتكون من «الملك» و«الوزير» و«موظفى البلاط» و«الإدارات المحلية» و«الحكم الذاتى فى الريف» وهذا التدرج فى السلطة كان قائمًا على نظام مركزية القرار أو لا مركزية التنفيذ، فقد كانت سلطة الملك تتلخص فى التنظيم العام لأمور الدولة وتعيين كبار الموظفين خاصة الوزير وإنجاز المشروعات العامة وعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية والقيادة العليا للجيش.

كانت مهام الوزير فى مصر القديمة تنظيم شئون الإدارة العامة، وتعيين أربعة مفتشين لموافاته الوزير ثلاث مرات فى السنة بأحوال المقاطعات، النظر فى شئون المقاطعات، وتحديد الأراضى وشق الترع وتحصيل الضرائب والنظر فى المظالم وحوادث السطو والنزاعات المختلفة والإنابة عن الملك فى إذاعة البيانات الملكية والإشراف على تنظيم الحرس الملكى، وتنظيم الملاحة فى نهر النيل، والاشراف على سير السفن والبضائع. وكان رؤساء الحكومات المحلية الذين يطلق عليهم حكام المقاطعات يعاونون الحكومة فلم تكن هناك مركزية وكانت الإدارة المحلية تقوم بكل الشئون الإدارية للمقاطعة التى يحكمها ويولى الحكم مندوبًا عنه فى كل قسم من أقسام المقاطعة يقدمون تقاريرهم للوزير مباشرة.

فالمصريون القدماء أول من ابتدعوا معالم أول نظام سياسى واجتماعى مدنى متحضر فى تاريخ الانسانية فقد فهموا علة قيام الدولة والحضارة وعلة انهيارها فأقاموا السلطة السياسية على هدف واحد هو تحقيق الماعت أى العدالة للجميع على خلاف ما طبع فى الأذهان عن الحياة السياسية فى مصر الفرعونية.