رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

شاركت جماعة الإخوان فى ثورة 25 يناير 2011 «بأنف وثلاث عيون»، الأنف يشم به الأخبار ليحدد مسارها، وعين على نظام مبارك تنافقه خشية فشل الثورة، وعين على الثوار، تحسبا لانتصارهم، وعين على كرسى الحكم، فظفرت بالكرسى بكل ما تملك من طرق احتيالية بما فيها استغلال حاجة الناس. لم يكن «مرسى» مرشح الجماعة المفضل لكرسى الرئاسة، وعندما تم استبعاد خيرت الشاطر نائب المرشد من كشوف المرشحين، لجأت الجماعة إلى «الاستبن» محمد مرسى، وكان كالخاتم فى إصبع مرشد الجماعة محمد بديع، ينفذ تعليماته، وعندما حاول «مرسى» الظهور على أنه الرئيس، أظهر له «بديع» العين الحمراء، وقال له إنت فاكر نفسك الرئيس، وخرّ «مرسى» ساجدا فوق سلطانية الملوخية أم أرانب سمعا وطاعة! وكان ينتظر فى القصر الجمهورى انتظارا للتعليمات التى ترد إليه من مكتب الإرشاد مع مخصوص لتسيير شئون البلاد.

جماعة الإخوان لا تجيد الحكم، لكنها مصابة بهوس السلطة، كان همها البقاء فى الحكم، والذى قدرته بحوالى 500 عام على الأقل، مهما كان الثمن، تضيع مصر، تسيطر عليها أجهزة خارجية، يتم تقسيمها، يتم تحويلها إلى إمارة، إلى دويلات المهم الكرسى، فعلا مرسى كان عاوز كرسى بس طلع واسع عليه!

ارتكب الرئيس المعزول محمد مرسى أخطاء فادحة أنهت العلاقة بنيه وبين الشعب بعد 368 يوما من حكمه، فى خلال هذه المدة الزمنية الضائعة من عمر مصر، رسّخ حكم مرسى حالة من الاستقطاب الحاد، وقسّم المجتمع المصرى بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى يمثله وجماعته دون أن يقدموا دليلا واحدا على هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف فى أغلب الأحيان بـ«العلمانى»، وبدلا من أن يتفرغ الشعب للعمل والإنتاح اتجه إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض. عمل «حكم» «مرسى» على ترسيخ الأخونة ونشر هذا الفكر رغم تنامى الشعور المعادى له من يوم لآخر.

افتعل الإخوان الأزمات الرامية إلى تشتيت الأمن والحد من اكتمال البناء الأمنى، وكانت أبرز المشاهد أحداث محمد محمود، وستاد بورسيعيد، وأحداث قلاقل أمنية من آن لآخر بالعديد من المحافظات خاصة بورسعيد والسويس.

أصدر «مرسى» العديد من القرارات والإعلانات الدستورية التى تسببت فى زيادة الضغط الشعبى على الجهاز الأمنى بالخروج فى مظاهرات عارمة إلى الاتحادية والتحرير.

كما أفرج «مرسى» عن سجناء جهاديين من ذوى الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من أنفاق التهريب مع قطاع غزة التى حظيت بكل الدعم والحماية من «مرسى» ذاته، نفذت هذه الجماعات فعلا خسيسا بالإجهاز على 16 شهيدا من رجال الأمن وقت الإفطار فى رمضان، وبعد أشهر من اختطاف سبعة جنود قبل أن يفرج عنهم بفعل حشود الجيش لتعقب الإرهابيين، وتدخل جماعة «مرسى» للإفراج عن الجنود.

افتعل مرسى أزمات متتالية مع القضاء، بدءاً من إقصاء النائب العام، إلى محاصرة المحكمة الدستورية العليا من قبل أنصار مرسى، ثم محاولة تحجيم دورها فى دستور 2012، ثم إصدار إعلانات دستورية وقرارات تمس بالسلب القضاء والحريات العامة ومؤسسات الدولة، تسببت فى إثارة غضب الرأى العام، الذى عبر عن ضيقه بإحراق مقار لحزب الجماعة، فعاد «مرسى» عن بعض إعلاناته وقراراته، ومضى فى أخرى مما تسبب فى زيادة الحَنِق الشعبى عليه وعلى جماعته.

استمرت الأزمات بين القضاء والرئاسة، حيث قضت محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ قرار بتنظيم الانتخابات البرلمانية، فكان أن رفعت جماعة الإخوان شعار تطهير القضاء، والعمل على سن تشريع يقضى بتخفيض سن التقاعد للقضاة ليقصى عدة آلاف منهم ليحل بدلا منهم أنصار الحكم.

وكانت الضربة الأخيرة التى سددها القضاء لـ«مرسى» هى الإشارة إليه بالاسم وعدد من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله فى واقعة اقتحام سجن وادى النطرون.

استمرت الأزمات الغذائية، والارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات فى عهد حكم «مرسى» دون تدخل حكومى يسعى لوقف جشع التجار، وتكررت بشكل متواصل أزمة البنزين والسولار بما أثر على الحركة الحياتية للمواطن وانعكس ذلك على الانقطاع المتكرر للكهرباء، كما بدا واضحا اتجاه الحكم لاستخدام المنظومة التموينية لخدمة أغراض انتخابية، ومحاولة كسب شعبية عبر التلاعب بالحصص التموينية.

ناصب حكم «مرسى» الإعلام العداء لدوره السريع فى كشف المسالب أمام الرأى العام وبات الإعلام هدفا مباشرا لتحجيمه، بل وإقصاء رموزه، كما كان هناك اتجاه واضح نحو تغيير هوية مصر الثقافية والعمل على ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءاً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، إلى إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.

تعهد مرسى بحل مشكلة المواصلات ضمن خمس مشاكل تعهد بحلها خلال المائة يوم الأولى من حكمه، فاستفحلت مشكلة المواصلات خلال العام الذى شهد كوارث يومية للطرق أبرزها حادث مصرع 50 طفلا على مزلقان أسيوط.

تراجع فى عهد «مرسى» معد النمو.. زيادة فى الدين العام.. تآكل الاحتياطى النقدى.. تهاوى مؤشرات البورصة.. تراجع تصنيف مصر الائتمانى.. كلها مؤشرات تعكس انهيار الاقتصاد فى حكم جماعة الإخوان الإرهابية التى لا تعرف سوى الخراب والهوس بالعشيرة والقبيلة وحكم الطاعة العمياء للمرشد، فاستشرى الفشل فى جسد الدولة كالسرطان، فبدلا من محاولة النهوض بالبلاد وتشجيع الاستثمار كان يتم محاربة المستثمرين لصالح رموز الإخوان، إلى جانب أخونة المناصب الاقتصادية فى الدولة مثل وزارتى المالية والاستثمار، دون أى اعتبار لمعايير الكفاءة أو القدرة على إدارة هذه المناصب الحيوية.