رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

النكتة جزء أصيل من تراث الشعب المصرى، فهو معروف نخفة دمه، وتفجيره للمواقف المضحكة حتى فى أحلك الظروف والمواقف، لذلك عرف بأنه «شعب ابن نكتة». فقد اشتهر المجتمع المصرى بالروح المرحة والطيبة، وإسقاطاته الفكاهية لتبسيط أصعب الضغوط فى كل المواقف مكنته من المضى فى الحياة بسلاسة، ومع تغير نمط الحياة، وتغير ثقافة الأجيال تراجعت النكتة بمفهومها القديم وتطورت ليحل محلها «الكوميكسات» و«التغريدات» و«التدوينات» على «السوشيال ميديا» التى حلت بدلا من اللقاءات المباشرة وتجمعات الأهل والأصدقاء، ليستمعوا من أحدهم لـ«آخر نكتة» سياسية كانت أو اجتماعية أو اسقاطات على أمور حياتية.

أصبحت النكات فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التى يئن من وطأتها كل فرد على هذا الكوكب، تنشر فى مدونات خاصة لعرض الجديد والغريب من النكات على اختلاف أنواعها. وتعد النكات الاقتصادية من أكثر النكات انتشارا على الانترنت فى ظل غلاء أسعار السلع الأسياسية.

فعن ارتفاع أسعار اللحوم: تدور النكتة حول موظف وأولاده يقفون أمام محل جزارة لاختلاس نظرة إلى محبوبتهم اللحمة المعلقة بجوارها لوحة مكتوب عليها الكيلو بـ200 جنيه.

وعن غلاء المواصلات: واحد بيقول لصاحبه تيجى نركب أتوبيس؟ قال له: يا عم لا، احنا نجرى جنب الأتوبيس ونوفر نصف جنيه، فرد وقال له: طب منجرى جنب تاكسى ونوفر خمس جنيهات!

وعن غلاء الطماطم: سأل شخص صديقه عن هدية يأخذها لخطيبته فقال له: خدلها كيلو طماطم مثل الذهب وأغلى من الورد!

السخرية والتندر تستخدم كسلاح عند المصريين لتحدى الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية التى يمر بها المجتمع خاصة فى ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ووجد الناس فى الشبكة العنكبوتية فضاء واسعا لنشر النكات والتعليقات التى تبدو فى الظاهر مضحكة لكنها تحمل فى باطنها مرارة من الارتفاع الشديد فى أسعار السلع.

كشفت نتائج دراسة أجرتها جامعة ولو براميتون البريطانية، أن «النكتة» قديمة قدم التاريخ، حيث إن الفراعنة في مصر والسومريين فى جنوب العراق أول من استخدموا النكتة وروح الدعابة والفكاهة، للتخفيف من حدة ما يواجهونه من مصاعب ومتاعب، خاصة ما يتكبدونه من معاناة من قبل أكبر سلطتين وهما الزوجة والحاكم.

وأشار أستاذ علم التاريخ بجامعة وولو براميتون الدكتور بول ماكدونالد الذى نجح من خلال هذه الدراسة فى جمع أقدم 10 «نكت» فى التاريخ، إلى أن النكتة كانت تتغير بتغير الأزمنة والقرون، فتارة تأخذ شكل فزورة أو لغز وتارة أخرى تأخذ شكل الفكاهة والدعابة، لافتا إلى أن الغرض من التنكيت منذ فجر التاريخ. هو تناول موضوعات محظور الاقتراب منها بروح من الدعابة، للتملص من الوقوع تحت طائلة القانون.

النكتة مش هزار، فهى سلاح وفى نفس الوقت مؤشر على وجود حرب معنويات، والتى يقوم بها أهل الشر عندما يرتكبون جرائم ضد البشر، فهذه الجرائم هدفها ليس القتل بل كسر معنويات من لم يقتل، لكن المصرى يعنى أنه لو كسرت معنوياته فسيحتفل أعداء الحرية، لذلك تجده مهزوما صبيحة كل مأساة، ثم فى لحظة يندفع خارجا من حفرة الانكسار رافعا رأسه، ولا يستسلم للغدر، ويواجهه باستهزاء.

النكتة تساهم بشكل فعال فى إضفاء روح البسمة والضحك فى الأشخاص الذى أتعبتهم الحياة، وهى ليست كالشائعة التى تهدم القيم وتفتت المجتمعات وتزرع الفرقة.

الضحك هو أفضل دواء، يساعد على التسامح والتخلص من الغضب، ويحتفل العالم فى الأول من يوليو من كل عام باليوم العالمى للنكتة، وهي مناسبة من أجل الابتسام والضحك وتشجيع الناس على تناسى مشكلاتهم وتحسبن حالتهم النفسية.