رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

البهو الفرعونى، هو مكان داخل مجلس النواب مخصص كاستراحة للأعضاء، يتناولون فيه السندوتشات الخفيفة والمشروبات الساخنة والمثلجات والمرطبات، قبل وبين وأثناء الجلسات! ويلجأ إليه النواب الغاضبون، والمعترضون، والمنسحبون من الجلسات باختلاف أسبابهم وتوجهاتهم السياسية، وتتعالى فيه الأصوات والنقاشات الحادة والساخنة بين النواب، كما تتعالى الضحكات، وهو أيضا مكان للتربيطات بين النواب لتقريب وجهات النظر حول قضية مهمة، وجمع التوقيعات.

وهو أيضا مصدر إزعاج لرئيس البرلمان والذى يسببه له النواب المزوغون من الجلسة للقاء ضيوفهم من أبناء الدوائر الانتخابية، وهو أيضا مكان لعقد المصالحات بين النواب المتخاصمين والمختلفين فى وجهات النظر، وأيضا مكان للنميمة والخناقات. وهو مقر سياسى يشاهد منه بعض النواب الجلسة من خلال أجهزة عرض، وأمامهم سندوتشات البطاطس أو الجبنة. وكان أحيانا فى السابق يتحول إلى معرض لأنواع الأكلات التى تتميز بها المحافظات، والتى يجلبها النواب معهم من دوائرهم منها الأسماك والفطير المشلتت والفسيخ!

البهو الفرعونى نجا من حريق البرلمان يوم 19 أغسطس 2008، ليظل شاهدًا كما هو وبتطويراته التى أضيفت إليه على عصر نشأة البرلمان، وعلى الأحداث التى وقعت داخله، وأهمها وأخطرها حادث اغتيال رئيس وزراء مصر أحمد ماهر باشا يوم 24 فبراير عام 1945، حيث كان «ماهر» يلقى خطابًا أمام مجلس النواب لبحث مسألة إعلان مصر الحرب على خصوم الحلفاء، وبعد انتهائه من البيان، اتخذ طريقه إلى مجلس الشيوخ ليلقى نفس البيان وأثناء مروره بالبهو الفرعونى، تقدم منه شاب يدعى محمود العيسوى، وأخذ يطلق عليه الرصاص من مسدسه، فأصابه إصابات أودت بحياته وسط ذهول كل من كان وقتها فى البهو الفرعونى، وتم إلقاء القبض على المتهم، وتبين أنه عضو بالحزب الوطنى ويعمل محاميًا فى مكتب سكرتير الحزب عبدالرحمن الرافعى، وأقر فى التحقيق أنه أقدم على فعلته التى لا يعتبرها جريمة، ليمنع قرار دخول مصر الحرب إلى جانب انجلترا، من مبدأ أن الأولى بالحرب هم الانجليز المحتلون لمصر وليس الألمان الذين لم يحتلوا أرض مصر ولم يمارسوا فيها أى فظائع، وقضت المحكمة العسكرية بإعدام «العيسوى» شنقًا ونفذ حكم الإعدام فجر يوم 18 سبتمبر 1945.

نجا البهو الفرعونى من الحريق، والتهمت النيران مجلس الشورى، وخاصة قاعته الرئيسية التى شهدت محاكمة الزعيم أحمد عرابى، وقاعة الدستور التى شهدت ولادة دستور 1923، استمرت النيران حوالى 16 ساعة متواصلة، واحترقت وثائق إدارة الإحصاء بالمجلس، ووثائق إدارة المحفوظات التى كانت تضم أرشيفًا كاملًا للوثائق والخطابات الرسمية المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على مدى الحياة البرلمانية بالكامل، واحترقت المضبطة الخاصة بالبرلمان منذ إنشائه عام 1866 وقيدت التهمة وراء الحريق ضد الماس الكهربائى الذى بدأ من غرفة فى مجلس الشورى، وتسبب هذا الحريق فى صراع شديد ولكن تحت الرماد بين الدكتور أحمد فتحى سرور رئيس مجلس الشعب وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، انتهى لصالح سرور، بعد عملية إنقاذ قام بها المهندس إبراهيم محلب رئيس شركة المقاولون العرب فى ذلك الوقت لإجراء عملية الترميمات المطلوبة ونجح برجاله فى تمكين المجلسين من عقد الدورة البرلمانية الجديدة فى موعدها ونفد «الشريف» و«سرور» من غضب مبارك عليهما!