رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حفنة كلام

من المشاهد التى لا أنساها عندما أبحرتُ بسفينة من الأقصر إلى أسوان عبر النيل والنخيل على ضفتيْ النهر وقد أسَرتنى هذه الطبيعة الساحرة وهناك مقاطع منها لم تصل إليها آلة المدنَية ولم تزحف إليها الأبراج وإنما ما تزال الدور بالطوب اللّبن وسط حديقة طبيعية من الجمال والتنسيق الإلهى العظيم، وعند قناطر إسنا بصعيد مصر توقفت السفينة، فالنيل فى شمال القناطر منخفض أمتارًا عديدة عن منسوب النيل جنوبها، وهنا تظهر عبقرية المهندس المصرى إذ جعل ممرا بين القناطر يتسع لوقوف سفينة يجعله أولا فى منسوب ارتفاع مياه النيل من الجهة القادمة منها السفينة ثم يغلق الممر من جانبيه فإن كانت السفينة متجهة للشمال سرّب الماء تدريجيا فينخفض الماء رويدا ومعه السفينة حتى تكون فى مستوى ماء النيل شمال القناطر ويفتح لها الجانب الشمالى فتبحر شمالا وإن كانت متجهة جنوبا فيدخلها فى هذا الحاجز ثم يمدها بأمواج ترتفع بها رويدا رويدا حتى تكون فى مستوى مياه النيل الجنوبية، فتبحر فى سلام، هذا التوقف كى يملأوا حوض المياه أو كى يسرّبوا الماء منه يأخذ قرابة ساعة من الزمن وهنا ينشط بائعون فوق مراكب صغيرة ينادون على راكبى الباخرات الذين يخرجون إلى السطح ليروا هذه العملية الفريدة والطبيعة الساحرة، فيلقى إليهم الباعة بأثواب محلية من منتجات الحِرف اليدوية والمسافة بين البائع فى المركب والمشترى فوق ظهر السفينة قد تصل إلى عشرة أمتار أو يزيد ومع ذلك فالثوب يلقيه البائع فى حجم كف اليد ويلقيه كالكرة للمشترى (والمتفرج على السلعة، يلقيه فى خفة ليمسكه المتفرج وتبدأ المفاصلة فى السعر بين المُبحرين والقاربيين حتى يصلا إلى سعر يُرضى الطرفين فيرمى له الأوراق النقدية ملفوفة فى ورقة أرسلها إليه البائع مع الثوب فيتلقفها البائع فى رشاقة وحرفية ماهرة، منظر المراكب تحوط السفن والمفاصلة والأثواب المرماة «مِن وإلى» من المناظر الرائعة التى تحفر فى الذاكرة، ثم تمضى السفينة شمالا أو جنوبا.

< خاتمة="">

قال أحمد شوقي:

من أيّ عهدٍ فى القرى تتدفقُ

وبأيّ كفٍّ فى المدائن تُغدقُ

ومن السماء نزلْتَ، أم فُجّرتَ من

عُليا الجنان جداولًا تترقرقُ؟